المضارع (١) من الفعل الثلاثى مفتوح للفرق بينه وبين الرباعى. ومن قرأ بالضم جعله من أحزنه وهو فعل رباعى ، وحرف المضارع من الفعل الرباعى مضموم. وإنما فعلوا ذلك للفرق بينهما ، وإنما كان الثلاثى أولى بالفتح ، والرباعى أولى بالضم لأن الثلاثى أكثر والرباعى أقل ، فأعطوا الأكثر الأخف وهو الفتح ، وأعطوا الأقل الأثقل وهو الضم ليعادلوا بينهما.
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) (١٧٨).
يحسبن ، قرئ بالياء والتاء ، فمن قرأ بالياء كان (الذين كفروا) فى موضع رفع بأنه فاعل يحسبن وتقديره ، ولا يحسبن الكافرون. وكانت (ما) فى أنما ، اسما موصولا بمعنى الذى. والهاء ، التى هى العائد إليه من (نملى) محذوفة وتقديره ، أن الذى نمليه لهم. وخير ، مرفوع لأنه خبر (أن) ، وأن وما عملت فيه سدّت مسد المفعولين. ومن قرأ إنما ، بالكسر ، فإنه يعلق يحسبن ، ويقدر القسم كما يفعل بلام الابتداء فى قولك : لا يحسبنّ زيد لأبوه (٢) خير من عمرو. وكأنك قلت : والله لأبوه خير من عمرو. ومن قرأ بالتاء كان الذين مفعولا أول ، و (أنما) وما بعدها بدلا من (الذين) وسدّ مسد المفعولين كما قدمنا. وما ، بمعنى الذى. والهاء العائد من نملى محذوفة ، ولا يجوز أن نجعل (أن) مفعولا ثانيا لأن المفعول الثانى فى هذا ، فى حسبت وأخوانها هو الأول فى المعنى ولا يجوز ههنا إلا أن نقدر محذوفا والتقدير ، ولا تحسبن شأن الذين كفروا أنما نملى لهم. وتكون ما ونملى مصدرا.
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١٨٠).
__________________
(١) (المضارعة) فى ب.
(٢) (لا أبوه) فى أ.