وتقديره ، فلا يحسبن أنفسهم بمفازة من العذاب أى فائزين ، واكتفى بذكر المفعولين فى الثانى عن ذكرهما فى الأول.
ومن قرأ الأول بالياء والثانى بالتاء فلا يجوز فيه البدل لاختلاف فاعليهما ولكن يكون مفعولا الأول قد حذفا لدلالة مفعولى الثانى عليهما.
وأما قراءة من قرأ : لا تحسبن الذين يفرحون ، بالتاء فإنه جعل (الذين يفرحون) فى موضع نصب لأنه المفعول الأول وحذف المفعول الثانى لدلالة ما بعده عليه وهو قوله : (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ).
وقد قيل : إن قوله : (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) المفعول الثانى (لحسب) الأول ، وهو فى تقدير التقديم ، ويكون المفعول الثانى (لحسب) الثانى محذوفا لدلالة الأول عليه وتقديره ، ولا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أتوا بمفازة من العذاب فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب. ثم حذف الثانى.
ويجوز أن يكون (فلا تحسبنهم) فى قراءة من قرأ بالتاء بدلا من (لا تحسبن الذين يفرحون) فى قراءة من قرأ بالتاء كما قدمنا فيمن قرأهما بالياء. والفاء ، زيادة فى القراءة كلها لأنه ليس بموضع عطف ولا موضع شرط وجزاء فلا تمنع البدل أيضا ، ولا يجوز البدل على قراءة من قرأ الأول بالتاء والثانى بالياء لاختلاف فاعليهما ولكن يكون المفعول الثانى لحسب الأول محذوفا لدلالة ما بعده عليه ، أو يكون (بمفازة من العذاب) هو المفعول الثانى له ، ويكون المفعول الثانى لحسب الثانى محذوفا على ما قدمنا.
قوله تعالى : (وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (١٨٥).
ما فى إنما ، كافة ولا يجوز أن تكون بمعنى الذى لأنها لو كانت بمعنى الذى لكان ينبغى أن يكون (أجوركم) مرفوعا لأنه يكون التقدير فيه ، إن الذى توفّونه أجوركم. وفى وقوع الإجماع على أنه لم يقرأ بالرفع دليل على أنها ليست بمعنى الذى.