وكأنهم فعلوا ذلك لعدم الالتباس ، وأن أصل التثنية لا يعرى عن معنى الجمع إذ أصل التثنية ضم واحد إلى واحد.
وقد يجوز أن يؤتى فى تثنية ما فى البدن منه عضو واحد بلفظ التثنية كقولك : رأيت وجهيهما ، ويجوز أيضا أن يؤتى فى تثنيته بلفظ المفرد كقولك : رأيت وجههما ، كقول الشاعر :
٦٥ ـ كأنّه وجه تركيّين (١)
وكأنه إنما جاز ذلك لعدم الالتباس ، لأن الوهم لا يسبق إلى أنّ لهما وجها واحدا كما لا يسبق فى لفظ الجمع أن لهما وجوها. وجزاء ، منصوب من وجهين :
أحدهما : أن يكون منصوبا نصب المصادر والعامل فيه معنى الكلام المتقدم فكأنه قال : جازوهما جزاء.
والثانى : أن يكون منصوبا لأنه مفعول له والتقدير : فاقطعوا أيديهما لأجل الجزاء. ونكالا ، منصوب لأنه بدل من قوله : جزاء.
قوله تعالى : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ)(٢) (٤١).
سمّاعون للكذب ، مرفوع لوجهين :
أحدهما : أن يكون مبتدأ وخبره (من الذين هادوا). أو يكون (سمّاعون) صفة لموصوف محذوف وتقديره ، فريق سماعون.
والثانى : أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره : هم سماعون الكذب. وقد تزاد اللام فى المفعول كقوله تعالى :
__________________
(١) صدر بيت للفرزدق من قصيدة يهجو فيها جريرا. والبيت :
كأنه وجه تركيين قد غضبا |
|
مستهدف لطعان غير منحجر |
هامش شرح المفصل ٤ ـ ١٥٧.
(٢) أ ، ب (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ). وهى الآية ١٣ من سورة المائدة.