فى (للذين) الذى هو الخبر ، وهو العامل فى الحال ، والعامل فى الحال على الحقيقة هو الفعل الذى قام (للذين آمنوا) مقامه ، وتقديره ، قل هى استقرت للذين آمنوا فى حال خلوصها يوم القيامة. وإنما لما حذف الفعل ، وأقيم (للذين) مقامه وانتقل الضمير الذى كان فيه إليه ، ارتفع به كما يرتفع بالفعل ، وجعل هو العامل فى الحال كالفعل. وفى الحياة الدنيا ، يجوز أن يكون ظرفا للخبر الذى هو (للذين آمنوا) ، ويجوز أن يكون خبرا ، ولا يجوز أن يتعلق فى الحياة الدنيا بزينة الله ، لأن زينة مصدر وقد وصف بقوله : (التى أخرج لعباده) والمصدر إذا وصف لا يعمل لأنه يخرج عن شبه الفعل ، ولأنه يقع به الفصل بين الموصول وصلته ، وذلك لأن معمول المصدر فى صلته ، ووصفه ليس فى صلته ، وإذا قدّمت صفة المصدر على معموله قدّمت ما ليس فى صلته على ما فى صلته ، وذلك لا يجوز ، ولهذا لا يجوز أن يتعلق بإخراج لما فيه من الفصل بين الصلة والموصول ، ويبعد أن يعلق بحرّم ، لما فيه من الفصل بين الحال وصاحبه ، فيمن نصب خالصة ، وبين الخبرين فيمن رفعها.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ) (٣٣).
ما ، فى موضع نصب على البدل من الفواحش ، وأن تشركوا ، فى موضع نصب بالعطف على الفواحش ، وكذلك قوله : (وأن تقولوا على الله).
قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) (٣٨).
إدّاركوا أصله تداركوا على وزن تفاعلوا ، إلا أنه أبدلت التاء دالا وأدغمت الدال فى الدال فسكنت الدال الأولى ، والابتداء بالساكن محال فاجتلبت ألف الوصل لئلا يبتدأ بالساكن ، ونظيره (إدّارأتم ، واطّيرنا) ولا يجوز أن يوزن مع ألف الوصل فتقول : افّاعلوا ، لأنه يصير الزائد أصليا لأن التاء الزائدة صارت فاء الفعل لإدغامها فيها ، وذلك لا يجوز. وجميعا ، منصوب على الحال من الضمير الذى فى (ادّاركوا).