والرابع : أن يكون مرفوعا بالظرف على قول الأخفش (١) والكوفيّين. والنصب على الحال من (ذا) أو من (الكتاب) أو من الضّمير فى (فيه) فإنّ جعلته حالا من (ذا) أو من (الكتاب) فالعامل فيه معنى الإشارة ، وإن جعلته حالا من الضمير فى (فيه) فالعامل فيه معنى الفعل المقدّر وهو استقرّ.
والتنوين من (هدى) مدغم فى اللام من (للمتقين) ، وهو يدغم فى ستّة أحرف وهى ، الياء والواو والنون والميم والراء واللام ، وهى حروف (يرملون) ، ويظهر مع ستّة أحرف ، وهى حروف الحلق ، وهى الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء ؛ ويخفى مع سائر الحروف ، وحكم النون الساكنة حكم التنوين فى الإدغام والإظهار والإخفاء ، فيما يدغم فيه من الحروف ويظهر ويخفى.
و «المتقين» أصله ، (موتقيين) على وزن مفتعلين من (وقيت) فأبدلت الواو تاء ، وأدغمت فى تاء الافتعال ، فصارتا تاء مشددة ، واستثقلت الكسرة على الياء الأولى التى هى اللام ، فحذفت تخفيفا ، فبقيت الياء التى هى اللام ساكنة ، وياء الجمع ساكنة ، فاجتمع ساكنان وهما لا يجتمعان ، فحذفت الياء الأولى التى هى اللام لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها ، لئلا يجمع بين ساكنين ، وكانت الأولى أولى بالحذف من الثانية ، لأن الثانية دخلت لمعنى ، وهو الجمع ، والأولى لم تدخل لمعنى ، فكان حذفها أولى ، ووزنه بعد الحذف (مفتعين) لحذف اللّام منه.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (٣)
«الذين» يحتمل أن تكون فى موضع جرّ ورفع ونصب ، فالجرّ على أنه صفة (للمتقين) أو بدل منهم ، والرفع على أنّه مبتدأ ، وخبره (أولئك على هدى). أو على أنه خبر مبتدإ مقدّر وتقديره (هم الذين) ، والنّصب ، على تقدير (أعنى). و (يُؤْمِنُونَ) صلته (٢).
__________________
(١) أبو الحسن الأخفش الأوسط : سعيد بن مسعدة المجاشعى توفى سنة خمس عشرة ومائتين (عن طبقات النحاة للزبيدى).
(٢) (صفته) ب.