ذلك ، وفى اللغة والنحو ما يزيد على الخمسين مصنفا ، وله شعر حسن (١) ذكروا أن له شعرا ، فروى له ابن شاكر الكتبى هذه المقطوعة :
العلم أوفى حلية ولباس |
|
والعقل أوفى جنة الأكياس |
كن طالبا للعلم تحى وإنما |
|
جهل الغنى كالموت فى الأرماس |
وصن العلوم عن المطامع كلها |
|
لترى بأن العلم عز الباس |
والعلم ثوب والعفاف طرازه |
|
ومطامع الإنسان كالأدناس |
والعلم نور يهتدى بضيائه |
|
وبه يسود الناس فوق الناس (٢) |
وأورد له القفطى مقطوعتين هذه إحداهما :
تدرع بجلباب القناعة والباس |
|
وصنه عن الأطماع فى أكرم الناس |
وكن راضيا بالله تحيا منعما |
|
وتنجو من الضراء والبؤس والباس |
فلا تنس ما أوصيته من وصية |
|
أخى ، وأى الناس من ليس بالناس |
وقد صور هذا الشعر حياة ابن الأنبارى العالم الزاهد المتصوف ، ولئن لم يعجبنا هذا الشعر من الناحية الفنية ، وهذا ملحظ على كل ما يصدر عن العلماء من شعر ، ولكن صدقه ودلالته القلبية واضحة.
إن كتب التراجم ، وواقع الكتب التى ألفها الأنبارى يشيران إلى براعته فى النحو ، فقد تخصص فيه وبرع فى سن مبكرة فى هذا العلم ، وذلك لأننا إذا رجعنا إلى تاريخ وفاة أساتذته فى اللغة والحديث والنحو ، نجد أن آخرهم وهو ابن الشجرى (توفى ٥٤٢ ه) ولم يتتلمذ على أحد بعده إلا على الشيخ أبى النجيب ، وكانت تلمذته عليه فى التصوف ، وتأثر به فى العبادة والزهد والانقطاع ، وعلى هذا يكون قد استوعب علم النحو وبرز فيه وهو بعد لم يتجاوز الثلاثين من عمره ، فقد ناظر وجادل أستاذيه الحواليقى وابن الشجرى كما أثبت ذلك فى ترجمته لهما فى كتابه (نزهة الألبا).
__________________
(١) طبقات الشافعية ٢٤٨ ـ ٤.
(٢) وفيات الأعيان ٣٢٠ ـ ٤ ـ وذكر صاحب الوفيات (ابن خلكان) أنه لقى جماعة من تلاميذه.