مذهبه النحوى :
المطلع على كتب ابن الأنبارى فى النحو ، لا يداخله شك فى انتماء الرجل إلى المذهب البصرى ، ولسنا فى مجال مناقشة السبب فى ذلك ، لأن ابن الأنبارى حين يتكلم عن أستاذه الشريف بن الشجرى يسلسل أساتذته السابقين وكل منهم بصرى معروف ، فيقول : «وكان الشريف بن الشجرى أنحى من رأينا من علماء العربية وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم ، وتوفى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، وعنه أخذت علم العربية ، وأخبرنى أنه أخذه عن ابن طباطبا ، وأخذه ابن طباطبا عن ابن عيسى الربعى عن أبى على الفارسى ، وأخذه أبو على عن أبى بكر بن السراج وأخذه ابن السراج عن أبى العباس المبرد ، وأخذه المبرد عن أبى عثمان المازنى وأبى عمر الجرمى ، وأخذه عن أبى الحسن الأخفش ، وأخذ الأخفش عن سيبويه وأخذه سيبويه عن الخليل بن أحمد ، وأخذه الخليل عن عيسى بن عمر ، وأخذه عيسى ابن عمر عن أبى إسحاق ، وأخذه ابن أبى إسحاق عن ميمون الأقرن عن عنبسة الفيل ، وأخذه عنبسة الفيل عن أبى الأسود ، وأخذه أبو الأسود الدؤلى عن أمير المؤمنين عليهالسلام» (١).
مذهبه الفقهى :
ولا جدال أيضا أنه شافعى المذهب فقد قرن اسمه (بالشافعى) والمدرسة التى تخرج فيها (النظامية) قامت لإحياء المذهب الشافعى ، ولا يتصدر للتعليم فيها إلا من نبغ من علماء هذا المذهب ، وقد أخلص لمذهبه ومدرسته لأنه درس فيها مدة طويلة وكانت أخصب أيام حياته فى التأليف ، فطالما صدّر كتبه بأنه ألفها حين طلب منه المشتغلون عليه بالمدرسة النظامية أن يؤلف لهم ، ووضع إنتاجه خدمة للعلم والمتعلمين ، ولكن الشيخ لم يستطع فى أخريات أيامه أن يصبر على قيود الوظيفة ، فاعتزلها وتفرغ لإكمال تآليفه ، ولعقد حلقات الوعظ والدرس ، واقترب اقترابا شديدا من التصوف وبخاصة بعد أن اتصل بالشيخ أبى النجيب الصوفى ، وإن أخلاقه وطبيعته لتحبب إليه هذا المذهب الصوفى ، فقد اشتهر فى حياته كلها بالورع والزهد.
رحلاته :
ليس هناك دليل قاطع على أن ابن الأنبارى غادر بغداد ، فلم يظهر أثر ذلك فى
__________________
(١) نزهة الألبا ٤٨٥.