الذين وصلته ، فى موضع نصب لأنه اسم (إنّ) ، وفى خبرها ثلاثة أوجه.
أحدها : أن يكون خبرها قوله : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ).
والثانى : أن يكون خبرها قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) لأن المعنى ، إنّا لا نضيع أجرهم ، فأقيم المظهر مقام المضمر كقول الشاعر :
١١٨ ـ لا أرى الموت يسبق الموت شىء (١)
أى : يسبقه شىء ، ويجوز أن يكون التقدير ، أجر من أحسن عملا منهم ، فحذف العائد كما حذف فى قوله تعالى :
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(٢) أى ، منه.
والثالث : أن يكون خبرها مقدرا ، وتقديره ، إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم الله بأعمالهم ، ودلّ على ذلك قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً).
قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) (٣٨).
أصله ، لكن أنا. وفى صيرورته على هذه الصيغة وجهان.
أحدهما : أن تكون الهمزة حذفت بحزكتها ، وأدغمت نون (لكن) فى النون بعدها.
والثانى : أن يكون نقلت فتحة الهمزة من (أنا) إلى النون من (لكن) ، وأدغمت نون (لكن) بعد إسكانها فى النون من (أنا) فصار (لكنّ) ، ونظيره ما ذكر عن العرب أنّهم قالوا : إنّ قائم ، بمعنى ، إنّ أنا قائم.
ومن قرأ : (لكنّ) بحذف الألف فعلى الأصل فى حالة الوصل ، لأنّ الأصل فى (أنّا) ، (أنّ) إلّا أنّ الألف تثبت فى حالة الوقف وفيها لغات.
__________________
(١) من شواهد سيبويه ١ / ٣٠ ونسبه إلى سوادة بن عدى ، وقد مر ذكره فى الشاهد رقم ٩٩.
(٢) ٤٣ سورة الشورى.