الاسم الموصول ، أو الاستفهام ، أو الجزاء ، كما بنيت (من وما) إلا أنّهم أعربوها حملا على نظيرها وهو (بعض) ، وعلى نقيضها وهو (كلّ) ، إلّا أنها لما دخلها نقص بحدف العائد ، ضعفت ، فردّت إلى ما تستحق من البناء ، يدلّ عليه أنّ (أيّهم) استعملت استعمالا لم يستعمل عليه أخواتها من حذف المبتدأ نحو (اضرب أيّهم أفضل). يريد ، أيّهم هو أفضل ، ولو قلت : اضرب من أفضل ، وكلّ ما أطيب (١). تريد من هو أفضل وما هو أطيب. لم يجز ، فلما خالفت أخواتها زال تمكنها فوجب أن تبنى ، ووجب أن تبنى على الضم لأنّهم لما حذفوا المبتدأ من صلتها بنوها على الضم ، لأنه أقوى الحركات تعويضا عن المحذوف ، كما أنّهم لمّا حذفوا المضاف إليه من (قبل وبعد) ، بنيا على الضم ، لأنه أقوى الحركات ، تعويضا عن المحذوف ، والذى يدل على أن البناء أولى ، إنّما كان لحذف المبتدأ ، لأنهم إذا لم يحذفوا المبتدأ أعربوها ، فقالوا : اضرب أيّهم هو أفضل. فأعربوها بالإجماع ، وإنّما حسن حذف المبتدأ من (أىّ) ، دون سائر أخواتها لأنّ (أىّ) ، لا تكاد تنفكّ عن الإضافة ، فيصير المضاف إليه عوضا عن حذف المبتدأ ، بخلاف غيرها من أخواتها ، نحو (من وما).
وذهب الخليل بن أحمد إلى أنّ (أيّهم) مرفوع على الحكاية ، وتقديره ، ثم لننزعنّ من كلّ شيعة الّذى يقال له أيّهم. كما قال الشاعر :
١٢١ ـ ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم (٢) |
وتقديره ، فأبيت لا يقال فى هذا حرج ولا محروم.
ولو كان كما زعم الخليل ، لكان ينبغى أن يجوز أن يقول : اضرب الفاسق الخبيث ، أى ، اضرب الذى يقال له الفاسق الخبيث ، وهذا لا يجوز بالإجماع فكذلك
__________________
(١) (وكل ما طبت) فى أ.
(٢) من شواهد سيبويه ١ ـ ٢٥٩ وقد نسبه للأخطل.