ههنا ، وأمّا قول الشاعر : فأبيت لا حرج ولا محروم : فهو مرفوع (بلا) (كليس) ، وخبر ليس محذوف ، وتقديره ، لا حرج ولا محروم فى مكانى.
وزعم يونس بن حبيب البصرى (*) : أن (أيّهم) ، مرفوع بالابتداء. وأشدّ ، خبره ، ويعلق (لننزعنّ) عن العمل وينزله منزلة أفعال القلوب [نحو ظننت وحسبت وعملت وما أشبهها](١) ، وهذا ضعيف ، لأن هذا الفعل ليس من أفعال القلوب بشىء ؛ بل هو فعل كسائر الأفعال المؤثرة ، فينبغى ألّا يلغى ، كما يلغى غيره من سائر الأفعال المؤثرة.
وأما الكوفيون فذهبوا إلى أنّ الضمّة فى (أيّهم) ضمة إعراب ، وأنه مرفوع بالابتداء ، وأشدّ ، خبره ، وأنهما يترافعان على ما يقتضيه مذهبهم ، وأنّ (لننزعن) ملغّى لم يعمل ، فقال الفرّاء إنّما لم يعمل لأنّ معنى (لننزعنّ) (لننادينّ) ، فلم يعمل لأنه بمعنى النداء.
وذهب بعضهم إلى أنّ (أيّهم) لم يعمل فيها (لننزعنّ) ، لأنّ (أيّهم) فيها معنى الشرط والجزاء ، والشرط له صدر الكلام ، فلا يعمل فيه ما قبله.
[وذهب آخرون إلى أنّ (لننزعنّ) عمل فى (من) وما بعدها ، واكتفى الفعل بما ذكر معه كما تقول : قتلت من كلّ قتيل ، وأكلت من كلّ طعام ، فيكتفى الفعل بما ذكر معه ، فكذلك ههنا](٢). وذهب آخرون إلى أن تقدير الآية : ثم لننزعنّ من كلّ قوم شايعوا ، فينظروا أيّهم أشدّ على الرحمن عتيّا. والنظر من دلائل الاستفهام ، وهو مقدّر معه.
ولو قلت : لأنظرنّ أيّهم أشدّ ، لكان الفعل معلقا ، لأن النظر والمعرفة والعلم من أفعال القلوب ، وأفعال القلوب يسقط عملهن إذا كان بعدهن استفهام.
__________________
(*) يونس بن حبيب البصرى من أكابر النحويين ، أخذ عن أبى عمرو بن العلاء ، وأخذ عنه سيبويه ت ٨٣ ه. فى خلافة هارون الرشيد.
(١) الجملة بين القوسين ساقطة من أ.
(٢) ما بين القوسين ساقط من أ ، ونقل من ب.