«غريب إعراب سورة الناس»
قوله تعالى : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) (٦).
من الجنة والناس ، فيه وجهان.
أحدهما : أن يكون بدلا من شر الوسواس ، وتقديره ، أعوذ برب الناس من شر الجنة والناس.
والثانى : أن يكون تقديره ، من شر الوسواس ، وتقديره ، الكائن من الجنة والناس ، (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ). وفى (يوسوس) ضمير (الجنة) ، وذكّره لأنه بمعنى (الجن) ، وكنى عنه مع التأخير ، لأنه فى تقدير التقديم ، كقوله تعالى :
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(١).
فتقدم الضمير لأن موسى فى تقدير التقديم ، والضمير فى تقدير التأخير ، وكقول الشاعر :
١٩٤ ـ من يلق يوما على علّاته هرما (٢).
وتقديره ، من يلق يوما هرما على علاته ، فقدم الضمير لأنه فى نية التأخير ، وكقولهم : فى بيته يؤتى الحكم. فقدم الضمير لأن التقدير ، الحكم يؤتى فى بيته. وكقولهم : فى أكفانه لف الميت. وتقديره ، الميت لف فى أكفانه. ونظائره كثيرة. وحذف العائد من الصلة إلى الموصول ، كما حذف من قوله تعالى :
__________________
(١) ٦٧ سورة طه.
(٢) هذا صدر بيت من قصيدة زهير بن أبى سلمى ، ومطلعها :
إن الخليط أجدّ البين فانفرقا |
|
وعلق القلب من أسماء ما علقا |
وبيت الشاهد :
من يلق يوما على علاته هرما |
|
يلق السماحة منه والندى خلقا |