ويحتمل أن يكون بمعنى الذى فى موضع رفع على البدل من الواو فى (يبتغون) تقديره ، يبتغى الذى هو أقرب الوسيلة ، فأىّ على هذا التقدير مبنية على مذهب سيبويه ، وفيه خلاف وسنذكره فى موصعه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) (٥٩).
أن الأولى ، فى موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، من أن نرسل. فلما حذف حرف الجر انتصب ب (منع).
و (أن) الثانية ، فى موضع رفع لأنه فاعل (منع) وتقديره ، وما منعنا الإرسال بالآيات إلا تكذيب الأولين بمثلها.
فالمعنى ، أنّ تكذيبهم الأوّلين كان سببا لهلاكهم ، فلو أرسلنا بالآيات إلى قريش فكذبوها ، لأهلكناهم كما أهلكنا من تقدمهم ، وقد تقدم فى العلم القديم ، تأخير عقوبتهم إلى يوم القيامة ، فلم نرسل بالآيات لذلك.
قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (٦٠).
الشجرة ، منصوبة بالعطف على (الرؤيا) ، وهى مفعول أول ل (جعلنا) ، والثانى (فتنة).
والشجرة ، مفعول أول ، والمفعول الثانى محذوف وتقديره ، وما جعلنا الشجرة الملعونة إلا فتنة. إلا أنه حذفه لدلالة المفعول الثانى (يجعلنا) المنطوق به فى الأول عليه. ونظائره كثيرة فى كلامهم.
قوله تعالى : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) (٦٠).
ويزيدهم ، فاعله مقدر ، وتقديره ، فما يزيدهم التخويف. وقدّر (التخويف) لدلالة (نخوفهم) عليه ، كقولهم : من كذب كان شرا له ، أى ، كان الكذب شرّا له.