(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) ، يسبي بعضه مبعضا ، وأهل مكة آمنون ، (أَفَبِالْباطِلِ) ، بالأصنام والشيطان ، (يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ ،) بمحمد والإسلام ، (يَكْفُرُونَ).
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) ، فزعم أن لله شريكا وأنه أمر بالفواحش ، (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ) ، بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، (لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) ، استفهام بمعين التقرير ، معناه : أما لهذا الكافر المكذب مأوى في جهنم.
(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) ، الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا ، (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ، لنثبتنهم على ما قاتلوا عليه ، وقيل : لنزيدنّهم هدى كما قال : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) [مريم : ٧٦] ، وقيل : لنوفقنّهم لإصابة الطريق المستقيمة [والطرق المستقيمة](١) هي التي توصل إلى رضا الله عزوجل. قال سفيان بن عيينة : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور (٢) ، فإن الله قال : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) ، وقيل : المجاهدة هي الصبر على الطاعات. قال الحسن : أفضل الجهاد مخالفة الهوى. وقال الفضيل بن عياض : والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينّهم سبل العمل به. وقال سهل بن عبد الله : والذين جاهدوا في إقامة السنة لنهدينّهم سبل الجنة.
وروي عن ابن عباس : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا. (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ، بالنصر والمعونة في دنياهم وبالثواب والمغفرة في عقباهم.
تفسير سورة الروم
مكية [وهي ستون آية ، وقيل : تسع وخمسون آية](٣)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣))
(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) ، سبب نزول هذه الآية على ما ذكره المفسرون.
[١٦٣٩] أنه كان بين فارس والروم قتال وكان المشركون يودّون أن تغلب فارس الروم لأن أهل فارس
__________________
[١٦٣٩] ـ أخرجه الطبري ٢٧٨٧٢ عن عكرمة مرسلا دون عجزه «فلما خشي أبي بن خلف ....».
ـ وهذا الخبر ورد من وجوه متعدد بألفاظ مختلفة منها ما أخرجه الترمذي ٣١٩٣ والنسائي في «الكبرى» ١١٣٨٩ وفي «التفسير» ٤٠٩ وأحدم ١ / ٣٠٤ والطبري ٢٧٨٦٥ والحاكم ٢ / ٤١٠ والطبراني ٢ / ٢٩ / ١٢٣٧٧٧ والبيهقي في «الدلائل» ٢ / ٣٣٠ ـ ٣١ من حديث ابن عباس في قول الله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) قال : غلبت وغلبت ،
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «موضع المخافة في بروج البلدان» وهذا بلا ريب ليس من كلام ابن عيينة وإنما إقحام من الناسخ.
(٣) زيد في المطبوع.