[١٦٤٠] وقال الشعبي : لم تمض تلك المدة التي عقدوا المناحبة بينهم أهل مكة صاحب قمارهم أبيّ بن خلف والمسلمون وصاحب قماره م. بو بكر وذ لك قبل تحريم القمار ، حتى غلبت الروم فارس ، ربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية فقمر أبو بكر أبينا وأخذ مال الخطر من ورثته ، فجاء به يحمله إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «تصدق به».
وكان سبب غلبة الروم فارسا على ما :
[١٦٤١] قال عكرمة وغيره : أن شهريراز بعد ما غلبت الروم لم يزل يطأهم ويخرب مدائنهم حتى بلغ الخليج ، فبينا أخوه فرخان (١) جالس ذات يوم يشرب إذ قال لأصحابه لقد رأيت كأني جالس على سرير كسرى ، فبلغت كلمته كسرى فكت إلى شهريراز إذ أتاك كتابي [هذا](٢) فابعث إلي برأس فرخان ، فكتب إليه أيها الملك إنك لن تجد مثل فرخان إن له نكاية وصوتا في العدو ، فلا تفعل البتة ، فكتب إليه إن في رجال فارس خلفا منه ، فعجل عليّ برأسه فراجعه فغضب كسرى ولم يجبه ، وبعث يريد إلى أهل فارس أني قد نزعت عنكم شهريراز واستعملت عليم فرخان الملك ، ثم رفع إلى البريد صحيفة صغيرة أمره فيها بقتل شهريراز ، وقال إذا ولى فرخان الملك وانقاد له أخوه فأعطه فلم اقرأ شهريراز الكتاب قال سمعا وطاعة ، ونزل عن سريره وجلس فرخان ورفع إليه الصحيفة [فلما قرأها](٣) قال ائتوني بشهريراز فقدهم ليضرب عنقه ، فقال : لا تعجل علي حتى أكتب وصيتي ، قال : نعم فدعا بالسفط فأعطاه ثلاث صحائف وقال : كل هذا رجعت فيك كسرى وأنت تريد أن تقتلني بكتاب واحد ، فرد الملك إلى أخيه وكتب شهريراز (٤) إلى قيصر ملك الرقوم إن لي إليك حاجة لا تحملها البرد ولا تبلغها الصحف فألقني ولا تلقني إلا في خمسين روميا فإني ألقاك في خمسين فارسيا ، فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي وجعل يضع العيون بين يديه في الطرق وخاف أن يكون قد مكر به حتى أتاه عيونه أنه ليس معه إلا خمسون رجلا ثم بسط لهما فالتقيا في قبة ديباج ضربت لهما ومع كل واحد منهما سكين فدعوا بترجمان بينهما فقال شهريراز إن الذين خربوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا وإن كسرى حسدنا وأراد أن أقتل أخي فأبيت ثم أمر أخي أن يقتلني ، فقد خلعناه جميعا فنحن نقاتله معك ، قال قد أصبتما ثم أشار أحدهما إلى صاحبه أن السر بين اثنين فإذا جاوز اثنين فشا فقتلا الترجمان معا بسكينهما فأديلت الروم على فارس عند ذلك فاتبعوهم يقتلونهم ، ومات كسرى وجاء الخبر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية ففرح ون معه [بذلك](٥) فذلك قوله عزوجل : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ).
أي أقرب أرض الشام إلى أرض فارس ، قال عكرمة : هي أذرعات وكشكر ، وقال مجاهد : أرض الجزيرة. وقال مقاتل : الأردن وفلسطين. (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) ، أي الروم من بعد غلبة فارس إياهم ، والغلب والغلبة لغتان ، (سَيَغْلِبُونَ) ، فارس.
__________________
[١٦٤٠] ـ ذكره المصنف هاهنا عن الشعبي معلقا وهو مرسل بكل حال ؛ وأصح شيء في الباب حديث ابن عباس المتقدم.
[١٦٤١] ـ أخرجه الطبري ٧٨٧٣ عن عكرمة به.
(١) في المطبوع «فرحان».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) تصحف في المطبوع وقد تكرر «شهرمان».
(٥) زيادة عن المخطوط.