تفسير سورة سبأ
مكية [وهي أربع وخمسون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤))
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، ملكا وخلقا ، (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) ، كما هو له في الدنيا ، لأن النعم في الدارين كلها منه ، وقيل الحمد لله في الآخرة هو حمد أهل الجنة كما قال الله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) [فاطر : ٣٤] ، و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) [الزمر : ٧٤]. (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ).
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) ، أي يدخل فيها من الماء والأموات ، (وَما يَخْرُجُ مِنْها) ، من النبات والأموات إذا حشروا ، (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) ، من الأمطار ، (وَما يَعْرُجُ) ، يصعد ، (فِيها) ، من الملائكة وأعمال العباد ، (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) ، الساعة ، (عالِمِ الْغَيْبِ) ، قرأ أهل المدينة والشام : «عالم» بالرفع على الاستئناف ، وقرأ الآخرون بالجر على نعت الرب ، أي وربّي عالم الغيب ، وقرأ حمزة والكسائي : «علام» على وزن فعال ، وجر الميم ، (لا يَعْزُبُ) ، لا يغيب ، (عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) ، أي من الذرة ، (وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ).
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ) ، يعني الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) ، حسن يعني في الجنة.
(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا
__________________
(١) زيد في المطبوع وحده.