فالقصص هو القصّة وأحسن القصص أحسن القصّة والحديث ، وربّما قيل : إنّه مصدر بمعنى الاقتصاص. فإن كان اسم مصدر فقصّة يوسف عليهالسلام أحسن قصّة لأنّها تصف إخلاص التوحيد في العبوديّة ، وتمثّل ولاية الله سبحانه لعبده وإنّه يربّيه بسلوكه في صراط الحبّ ورفعه من حضيض الذلّة إلى أوج العزّة ، وأخذه من غيابة جبّ الإسارة ومربط الرقيّة وسجن النكال والنقمة إلى عرش العزّة وسرير الملك.
وإن كان مصدرا فالاقتصاص عن قصّته بالطريق الذي اقتصّ سبحانه به أحسن الاقتصاص لأنّه اقتصاص لقصّة الحبّ والغرام بأعفّ ما يكون وأستر ما يمكن (١).
الأمر الثاني : قصص الأنبياء عند العرب
المعروف والمشهور أنّ أحبار اليهود ورهبان النصارى كان عندهم شيء يسير من قصص وأخبار الأنبياء السابقين ، غاية الأمر أنّ تلك القصص كانت محرّفة غير مطابقة للواقع ، بل في بعض الأحيان عندهم قصص لا تلائم ولا تناسب شأن الأنبياء عليهمالسلام.
والسؤال الحالي : هل كان عند عرب الجزيرة شيء من أخبار الأنبياء أم لا؟
المراجع لقصّة نبي الله نوح عليهالسلام في القرآن الكريم يرى أنّ عرب ذلك الزمان لم يكن عندهم علم بتلك الأحداث كما حكاها ووصفها القرآن الكريم.
قال الله تعالى في ذيل القصّة : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا)(٢) والآية الكريمة صريحة في عدم وجود علم مفصّل حول قضيّة نبيّ الله نوح عليهالسلام وسفينته كما بيّنها القرآن الكريم عند قوم النبيّ صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الميزان ١١ : ٧٥.
(٢) هود : ٤٩.