قال القاضي الأرجاني أحمد بن محمّد المتوفّى ٤٥٥ هجريّة.
إذا علم الإنسان أخبار ما مضى |
|
توهّمته قد عاش من أوّل الدهر |
وتحسبه قد عاش آخر عمره |
|
إذا كان قد أبقى الجميل من الذكر |
فقد عاش كل الدهر من كان عالما |
|
حليما كريما فاغتنم أطول العمر (١) |
ففوائد قراءة التاريخ كثيرة : فكرة ، وتنبيه ، وعبرة ، لا سيّما إذا كان مرتبطا بحياة الأولياء الصالحين ، وأحوال الأصفياء المقرّبين ، فإنّ المعرفة بأحوالهم رفعة وزين ، والجهل بحياتهم وصمة وشين ، والعلم بأقوالهم الرزينة وأفعالهم الوزينة جم المصالح والمراشد ، والجهل بها من جوالب المناقص والمفاسد.
الأمر الرابع : التأمّل والحذر
المراجع لكتب الحديث والتفسير يرى ركاما هائلا من الأخبار الناقلة لقصص الأنبياء عليهمالسلام وللأمم السابقة ، وهذا الكمّ الغفير فيه الغث والسمين والمعقول وغير المعقول ، ويمكننا أن نتعامل معه معاملة أوّليّة بأن نقول : كلّ ما كان متّصلا بالسند المعتبر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله أو أحد ذريّته الطاهرين فنقبله ثمّ بعد ذلك نلاحظ أنّ هذا المذكور يتلائم مع روح القرآن ومع شأن الأنبياء والنبوّة أم لا ، وأمّا ما لم يكن مسندا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا عن واحد من ذريّته الطاهرين عليهمالسلام فمنظور فيه.
فإنّه من الجدير بالذكر أنّه قد فتحت باب الأحاديث الإسرائيليّة على مصراعيها لمثل تميم الداري الراهب النصراني وكعب أحبار اليهود وكانا قد أظهرا الإسلام بعد انتشار الدعوة ، وتقرّبا إلى الخلفاء بعد الرسول صلىاللهعليهوآله ففسح لهما ولأمثالهما المجال أن يبثّوا الأحاديث الإسرائيليّة بين المسلمين كما يشاؤون ، وقد خصّص عمر بن الخطاب للأوّل ساعة في كلّ أسبوع يتحدّث فيها قبل صلاة الجمعة
__________________
(١) الوافي بالوفيات ١ : ٢٧.