بمسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ، وجعلها عثمان على عهده ساعتين في يومين.
أمّا كعب أحبار اليهود فكان عمر وعثمان ومعاوية يسألونه عن مبدأ الخلق وقضايا المعاد ، وتفسير القرآن ، إلى غير ذلك.
وروى عنهما صحابة أمثال أنس بن مالك وأبي هريرة وعبد الله بن عمر بن الخطّاب وعبد الله بن الزبير ومعاوية ونظراؤهم من الصحابة والتابعين. ولم يقتصر نقل الإسرائيليات بهذين العالمين من علماء أهل الكتاب وتلاميذهما فحسب ، بل قام به ثلّة معهما ومن بعدهما كذلك وامتدّ حتّى عهد الخلافة العبّاسيّة ما عدا فترة حكم الإمام علي عليهالسلام الذي طردهم من مساجد المسلمين ، وسمّي هؤلاء بالقصّاصين.
ومن ثمّ دخلت الثقافة الإسرائيليّة في الإسلام وصبغته في جانب منه بلونها وانتشر الاعتقاد بأنّ الله جسم ، وأنّ الأنبياء تصدر منهم المعاصي ، والنظرة إلى المبدأ والمعاد إلى غيرها من أفكار إسرائيليّة ، وعظم نفوذ هؤلاء على العهد الأموي وخاصّة في سلطان معاوية ، حيث اتّخذ بطانة من النصارى أمثال كاتبه سرجون ، وطبيبه ابن أثال ، وشاعره الأخطل من نصارى عصره ، ومن المعلوم أنّ هؤلاء عندما شكلوا البلاط الأموي لم يتركوا أفكارهم المسيحيّة وأعرافهم خلفهم ، بل حملوها معهم إلى بلاط الخلافة الأمويّة (١).
ولابدّ لمن يريد دراسة تاريخ الأنبياء من أن يقرأ قصصهم بحذر ووعي وبدقّة وتأمّل ، حتّى لا يقع في فخ التضليل والتجهيل ، فلابدّ له من أن يفتح عينيه وقلبه على كلّ كلمة تمرّ به ويحاول قدر المستطاع أن يستنطقها ، ويستخلص منها ما ينسجم مع الواقع الذي تؤيّده الدلائل والشواهد المتضافرة ، ويرفض أو يتوقّف في كلّ ما تلاعبت به الأهواء ، وأثرت عليه الميول والعصبيّات.
__________________
(١) معالم المدرستين ٢ : ٤٨.