وما لاقوه من أممهم ؛ ولنذكر هنا أهمّها :
الثمرة الأولى : من ثمرات نقل قصص الأنبياء السابقين إثبات رسالة النبيّ صلىاللهعليهوآله وأنّ ما ينزل عليه حقّ وصدق جاء به جبرئيل عليهالسلام ؛ وذلك لأنّ عرب ذاك الزمان يعرفون أنّ النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآله لم يكن يقرأ ويكتب ولم يعرف عنه أنّه كان مجالسا لأحبار اليهود ورهبان النصارى ، فلم يكن آخذا علمه عن واحد من البشر ؛ وعليه فنقل القصّة لأهل ذلك الزمان وإخبارهم بأحوال الأنبياء السابقين وأممهم يبيّن لهم أنّ ما جاء به صلوات الله عليه من أخبار غيبيّة لم يكن له طريق غير الوحي المقدّس.
ويؤكّد ذلك قول الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(١).
الثمرة الثانية : بيان وحدة خطّ الأنبياء عليهمالسلام فإنّ الخطّ السماوي خطّ واحد يشترك فيه جميع الأنبياء من آدم عليهالسلام إلى نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله والغرض الأساسي الذي جاء به محمّد صلىاللهعليهوآله هو عين الغرض الذي جاء به نبيّ الله عيسى وموسى وغيرهم ، وهو التوجّه إلى عبادة ربّ العالمين ونفي الأنداد والأضداد عنه.
فالصلة محكمة بين شريعتنا المقدّسة وبين شرائع الله سبحانه وتعالى المتقدّمة ، وأنّ الدين الإسلامي الحنيف امتداد لتلك الأديان مع اختصاصه بصفة الخاتميّة لأديان السماء ، بل ديننا الإسلامي مهيمن على ما سبق من الشرائع.
قال الله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)(٢) وهذه الهيمنة تبيّن للناس أنّ اللازم عليهم اتّباع الدين اللاحق وأنّه ناسخ لكلّ ما سبق ، بل إنّ النصراني الحقّ واليهودي الحقّ من كان مستمعا لأوامر السيّد
__________________
(١) يوسف : ٢ ـ ٣.
(٢) المائدة : ٤٨.