ميّتا ، وآخر تنكّرت له أمّه ففعل هذا بعينه ، فكيف الإنسان في فضله وعلمه ، غير أنّ جيلا من هذه الأمّة الذين ترون أنّهم رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم ، فأخذوه من حيث لم يؤمروا بأخذه ، فصاروا إلى ما ترون من الضلال.
وحقّا أقول : ما أراد من يقول هذا إلّا تقوية لحجج المجوس.
ثمّ أنشأ يحدّثنا كيف كان بدو النسل ، فقال : إنّ آدم صلوات الله عليه ولد له سبعون بطنا ، فلمّا قتل قابيل هابيل جزع جزعا قطعه عن إتيان النساء ، فبقي لا يستطيع أن يغشي حوّاء خمسمائة سنة ، ثمّ وهب الله له شيثا وهو هبة الله ، وهو أوّل وصيّ أوصي إليه من بني آدم في الأرض ، ثمّ وراءه بعده يافث ، فلمّا أدركا وأراد الله أن يبلغ بالنسل ما ترون أنزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنّة اسمها نزلة (١) ، فأمر الله أن يزوّجها من شيث ، ثمّ أنزل الله بعد العصر من الغد حوراء من الجنّة اسمها منزلة (٢) فأمر الله آدم أن يزوّجها من يافث فزوّجها (٣) منه ، فولد لشيث غلام وليافث جارية ، فأمر الله آدم عليهالسلام حين أدركا أن يزوّج بنت يافث من ابن شيث ، ففعل فولد الصفوة من النبيّين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ الله أن يكون ذلك على ما قالوه من الإخوة والأخوات ومناكحهما.
قال : فلم يلبث آدم عليهالسلام بعد ذلك إلّا يسيرا فمرض فدعا شيثا وقال : يا بنيّ ، إنّ أجلي قد حضر وأنا مريض ، فإنّ ربّي قد أنزل من سلطانه ما قد ترى ، وقد عهد إليّ فيما قد عهد أن أجعلك وصيّي وخازن ما استودعني ، وهذا كتاب الوصيّة تحت رأسي وفيه أثر العلم واسم الله الأكبر ، فإذا أنا متّ فخذ الصحيفة وإيّاك أن يطّلع عليها أحد (٤) وأن تنظر فيها إلى قابل في مثل هذا اليوم الذي يصير إليك فيه ،
__________________
(١) في «ص» : (بركة).
(٢) في «ص» : (نزلة).
(٣) في «ر» «س» : (فتزوّجها).
(٤) في «ر» «س» : (تطلع عليها أحدا).