ودّ و (١) عظيمكم ، فهل لكم فيّ أن أصوّر لكم على مثال ودّ صورة تستريحون إليها وتأنسون بها؟
قالوا : افعل ، فعمد الخبيث إلى الآنك (٢) فإذا به حتّى صار مثل الماء ، ثمّ صوّر لهم صورة مثال ودّ في بيته ، فتدافعوا على الصورة يلثمونها ويضعون خدودهم عليها ويسجدون لها ، وأحبّ سواع أن يكون التعظيم والسجود له ، فوثب على صورة ودّ ، فحكّها حتّى لم يدع منها شيئا وهمّوا بقتل سواع ، فوعظهم وقال : أنا أقوم لكم بما كان يقوم به ودّ ، وأنا ابنه ، فإن قتلتموني لم يكن لكم رئيس ، فمالوا إلى سواع بالطاعة والتعظيم.
فلم يلبث سواع أن مات وخلّف ابنا يقال له : يغوث فجزعوا على سواع فأتاهم إبليس وقال : أنا الذي صوّرت لكم صورة ودّ ، فهل لكم أن أجعل لكم مثال سواع على وجه لا يستطيع أحد أن يغيّره؟ قالوا : فافعل ، فعمد إلى عود فنجره ونصبه لهم في منزل سواع ، وإنّما سمّي ذلك العود خلافا ، لأنّ إبليس لعنه الله عمل صورة سواع على خلاف صورة ودّ.
قال : فسجدوا له وعظّموه وقالوا ليغوث : ما نأمنك على هذا الصنم أن تكيده كما كاد أبوك مثال ودّ ، فوضعوا على البيت حرّاسا وحجّابا و (٣) كانوا يأتون الصنم في يوم واحد ويعظّمونه أشدّ ما كانوا يعظّمون سواعا ، فلمّا رأى ذلك يغوث قتل الحرسة والحجّاب ليلا وجعل الصنم رميما ، فلمّا بلغهم ذلك أقبلوا ليقتلوه فتوارى منهم إلى أن طلبوه ورأّسوه وعظّموه.
ثمّ مات وخلّف ابنا يقال له : يعوق ، فأتاهم إبليس ، فقال : قد بلغني موت
__________________
(١) قوله : (و) لم يرد في «ر» «ص».
(٢) وهو الرصاص الأبيض ، وقيل : الأسود ، وقيل : الخالص منه (النهاية ١ : ٧٧).
(٣) في «ص» «م» : (وحجبا ثمّ) بدلا من : (وحجّابا و).