بلغني عنه شدّة وإنّه لأشدّ ممّا بلغني ، ولي إليك حاجة أخرى تريني النار ، فاستأذن ملك الموت صاحب النار ، ففتح له ، فلمّا رآها إدريس عليهالسلام سقط مغشيّا عليه.
ثمّ قال : لي إليك حاجة أخرى تريني الجنّة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنّة فدخلها ، فلمّا نظر إليها قال : يا ملك الموت ، ما كنت لأخرج منها ، إنّ الله تعالى يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)(١) وقد ذقته ، ويقول : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها)(٢) وقد وردتها ، ويقول في الجنّة : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها)(٣)(٤).
[ذكر بعض خصال النبيّ إدريس عليهالسلام]
[٦٧ / ٤] ـ وبالإسناد المتقدّم (*) عن وهب بن منبّه : أنّ إدريس عليهالسلام كان رجلا طويلا ضخم البطن ، عظيم الصدر ، قليل الصوت ، رقيق المنطق ، قريب الخطا إذا مشى ، وإنّما سمّي إدريس لكثرة ما يدرس من كلام الله تعالى ، وهو بين أظهر قومه يدعوهم إلى عبادة الله ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد ، حتّى صاروا سبعة وسبعين ، إلى أن صاروا سبعمائة ثمّ بلغوا ألفا ، فاختار منهم سبعة ، فقال لهم : تعالوا فليدع بعضنا وليؤمّنّ بقيّتنا ، ثمّ رفعوا أيديهم إلى السماء فنبّأه الله ودلّ على عبادته ، فلم يزالوا يعبدون الله حتّى رفع الله تعالى إدريس عليهالسلام إلى السماء وانقرض من تابعه. ثمّ اختلفوا حتّى كان زمن نوح عليهالسلام (٥).
__________________
(١) الأنبياء : ٢٥.
(٢) مريم : ٧١.
(٣) آل عمران : ١٨٥.
(٤) عنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٧٨ / ٨ ، وقصص الأنبياء للجزائريّ : ٧٦.
(*) تقدّم الإسناد برقم : (٥٥).
(٥) أورده الصدوق في علل الشرائع ١ : ٢٧ باختلاف يسير ، وعنه في بحار الأنوار ١١ : ٢٧٠ / ١ : عن ـ