عظيمين لم ير في الدنيا (١) أعظم منهما ولا أطول ، وإذا خشبهما من أطيب خشب عود ، وعليهما نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ، ضوؤهما قد ملأ المكان.
فلمّا رأى ذلك أعجبه ، ففتح أحد البابين فدخل ، فإذا هو بمدينة لم ير الراؤون مثلها (٢) ، وإذا هو بقصور كلّ قصر معلّق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، فوق كلّ قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنيّة بالذهب والفضّة والياقوت واللؤلؤ والزبرجد ، وعلى كلّ باب من أبواب تلك القصور مصراع مثل مصراع (٣) باب المدينة من عود طيب قد نضّدت عليه اليواقيت وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق (٤) المسك والزعفران.
فلمّا رأى ذلك (٥) ولم ير هناك أحدا أفزعه ذلك ، ثمّ نظر إلى الأزقّة فإذا في كلّ زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجري ، فقال : هذه الجنّة التي وضعت (٦) لعباد الله في الدنيا ، فالحمد لله الذي أدخلني الجنّة ، فحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران ، فإنّها كانت منثورة (٧) بمنزلة الرمل ، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها ، لأنّه كان مثبتا في أبوابها وجدرانها ، فأخذ ما أراد وخرج (٨) إلى اليمن ، فأظهر ما كان منه ، وأعلم الناس أمره (٩) ، وفشا (١٠) خبره وبلغ
__________________
(١) في كمال الدين زيادة : (بناء).
(٢) في كمال الدين زيادة : (قط).
(٣) في كمال الدين : (مصاريع مثل مصاريع).
(٤) بنادق جمع بندقة وهي طينة مدورة مجففة (مجمع البحرين ١ : ٢٥٠).
(٥) في كمال الدين زيادة : (أعجبه).
(٦) في «ص» : (وصفت).
(٧) في «ص» : (منشورة).
(٨) في كمال الدين زيادة : (حتّى أتى ناقته وركبها ثمّ سار يقفو أثر ناقته [أثره ـ البحار] حتّى رجع).
(٩) في كمال الدين والبحار زيادة : (وباع بعض ذلك اللؤلؤ ، وكان قد اصفارّ وتغيّر من طول ما مرّ عليه من الليالي والأيّام).
(١٠) في البحار : (فشاع).