موسى بن عمران ، فبلغ فرعون أنّهم يرجفون (١) به ويطلبون هذا الغلام ، فقال له كهنته وسحرته : إنّ هلاك دينك وقومك (٢) على يدي هذا الغلام الذي يولد العام من بني إسرائيل.
قال : فوضع القوابل على النساء ، فلمّا رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا : تعالوا لا نقرب النساء ، فقال عمران أبو موسى : آتوهنّ فإنّ أمر الله واقع ولو كره المشركون ، اللهمّ من تركه فإنّي لا أتركه ، ووقع على أمّ موسى ، فحملت ، فوضع على أمّ موسى قابلة تحرسها ، فإذا قامت قامت معها وإذا قعدت قعدت.
قال : فلمّا حملته أمّه وقعت عليه (٣) المحبّة ، وكذلك حجج الله على خلقه ، فقالت لها القابلة : مالك يا بنت ، تصفرين (٤) وتذوبين؟
فقالت : لا تلوميني فإنّي إذا ولدت أخذ ولدي فذبح. فقالت : فلا تحزني فإنّي سوف أكتم عليك ، فلم تصدّقها ، فلمّا أن ولدت التفتت إليها وهي مقبلة ، فقالت : ما شاء الله.
فقالت : ألم أقل : إنّي سوف أكتم عليك ، ثمّ حملته فأدخلته المخدع (٥) وأصلحت أمره (٦) ، ثمّ خرجت إلى الحرس وكانوا على الباب ، فقالت : انصرفوا فإنّما خرج دم مقطّع فانصرفوا فأرضعت (٧) ، فلمّا خافت عليه أوحى الله إليها : اجعليه في تابوت ، ثمّ أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر ، فوضعته في التابوت
__________________
(١) في «ر» «س» : (يرجعون) ، والمثبت عن «م» والبحار. ويرجفون به أي : يخوضون في ذكره وأخباره.
(٢) قوله : (وقومك) لم يرد في «ر» «س».
(٣) في «ص» «م» والبحار : (عليها).
(٤) في «ر» «س» : (تصغرين).
(٥) المخدع : البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير.
(٦) في «ر» «س» : (شأنه).
(٧) في البحار : (فأرضعته).