فلمّا فرّج الله عنهم ، أمره الله أن يأتي الميعاد ، وأوحى إليه أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ، فجاء السامريّ فشبّه على مستضعفي بني إسرائيل ، فقال : وعدكم موسى أن يرجع إليكم عند أربعين ، وهذه عشرون ليلة وعشرون يوما تمّت أربعون (١) أخطأ موسى ، وأراد (٢) ربّكم أن يريكم أنّه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه ، وأنّه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه ، فأظهر العجل الذي عمله ، فقالوا له : كيف يكون العجل إلهنا؟
قال : إنّما هذا العجل يكلّمكم منه ربّكم كما يكلّم (٣) موسى من الشجرة فضلّوا بذلك ، فنصب السامريّ عجلا مؤخّره إلى حائط ، وحفر (٤) في الجانب الآخر في الأرض (٥) بعض مردته ، فهو الذي يضع فاه على دبره ويكلّم بما تكلّم لمّا قال : هذا إلهكم وإله موسى.
ثمّ إنّ الله تعالى أبطل تمويه السامريّ ، وأمر الله أن يقتل من لم يعبده من عبده ، فاستسلم المقتولون وقال القاتلون : نحن أعظم مصيبة منهم نقتل بأيدينا آباءنا وأبناءنا وإخواننا وقراباتنا ، فلمّا استحرّ القتل فيهم ، وهم ستّمائة ألف إلّا اثنى عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل ، فوفّق الله بعضهم فقال لبعض : أو ليس الله قد جعل التوسّل بمحمّد وآله أمرا لا يخيب معه طالبه ، وهكذا توسّلت الأنبياء والرسل ، فما بالنا لا نتوسّل.
فضجّوا يا ربّنا بجاه محمّد الأكرم ، وبجاه عليّ الأفضل الأعلم ، وبجاه فاطمة الفضلى ، وبجاه الحسن والحسين ، وبجاه الذرّيّة الطيّبين من آل طه وياسين ، لمّا
__________________
(١) في النسخ : (أربعين) ، والمثبت من البحار.
(٢) في «ر» «س» : (ولو أراد) بدلا من : (وأراد) ، وفي «ص» : (وأراد بكم يريكم) بدلا من : (وأراد ربّكم أن يريكم).
(٣) في «ص» : (تكلّم) ، وفي «س» والبحار : (كلّم).
(٤) في «م» «ص» : (وصفر).
(٥) في البحار زيادة : (وأجلس فيه).