و (مِنْ أَمْرِ رَبِّي) أي : من علم ربي (١) وسيستوعب معنى الروح في باب ختم هذا الكتاب (٢).
__________________
ـ هو له ظاهرا وباطنا ، فيحكم للكل بما حكم به ربه من وجود ظاهر وعدم باطن.
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه (٣ / ٢٥٨) نزهة القلوب : (١٠١).
(٢) قال مقاتل : وتفسير الروح على خمسة وجوه :
فوجه منها : الروح : يعني رحمة ، فذلك قوله في المجادلة : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)[المجادلة : ٢٢] ، يعني وقاهم برحمة منه.
والوجه الثاني : الروح : يعني ملكا من الملائكة في السماء السابعة وجهه على صورة الإنسان وجسده على صورة الملائكة ، فذلك قوله في عم يتساءلون : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا)[النبأ : ٣٨] ، يعني ذلك الملك ، وهو أعظم من كل مخلوق غير العرش ، وهو حافظ على الملائكة يقوم على يمين العرش صفّا واحدا والملائكة صفّا ، وقوله في بني إسرائيل : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) [الإسراء : ٥٨] ، يعني ذلك الملك (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ، يعني ذلك الملك.
والوجه الثالث : الروح : يعني به جبريل ، فذلك قوله في النحل : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ)[النحل : ١٠٢] ، يعني به جبريل ، نظيرها في الشعراء حيث يقول : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)[الشعراء : ١٩٣] ، يعني جبريل ، وذلك قوله أيضا لعيسى : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)[البقرة : ٨٧] ، يعني قويناه بجبريل ، وذلك قوله في مريم : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا)[مريم : ١٧] ، يعني جبريل ، وفي سورة إِنَّا أَنْزَلْناهُ : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ)[القدر : ٤] ، يعني به جبريل.
والوجه الرابع : الروح : يعني به الوحي ، فذلك قوله في النحل : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ)[النحل : ٢] ، يعني على الأنبياء ، نظيرها في حم المؤمن : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ)[غافر : ١٥] ، يقول : ينزل الوحي من أمر الله (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ، يعني على الأنبياء ، وكقوله في حم عسق : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا)[الشورى : ٥٢] ، يعني وحيا من أمرنا.
والوجه الخامس : روح : يعني به عيسى ، فذلك قوله في آخر النساء : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ)[النساء : ١٧١] ، حين قال لعيسى : كن فكان ، (وَرُوحٌ مِنْهُ) يعني بالروح أنه كان من غير بشر ، وقال لآدم : (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ)[السجدة : ٩]. وانظر : الوجوه والنظائر (ص ٥٤) بتحقيقنا.