والضرب الثاني : ما ذكره ابن سيرين عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان ينظر إلى السماء في صلاته حتى نزلت هذه الآية ، ترك ذلك ونظر حيث يسجد ، فنظر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى السماء في صلاته إنما كانت سنة نسختها الآية ، وليس نظر النبي صلىاللهعليهوسلم كفعل سائر الناس يومئذ في صلاتهم من التكلم والالتفات.
وقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) الآية ... نسخها تعالى بقوله في الإماء (١) : (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) [النساء : ٢٥] وقيل هي محكمة وليس ذلك بنسخ ، وإنما هو تخصيص ، وهذا هو الصواب الذي لا يحسن أن يقال في هاتين الآيتين غيره.
وقوله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً) [النور : ٣] الآية ... قال ابن المسيب وغيره : نسخها تعالى بقوله (٢) : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النور : ٣٢] الآية ... وقال ابن عباس : إنها محكمة (٣) ، وهو قول بعض السلف على اختلاف منهم في تأويل معناها.
وقوله تعالى : (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) [النور : ٤] قال : أبو عبيد وابن حبيب وغيرهما : نسخها تعالى بقوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) [النور : ٥] وقيل : إنها ليست بمنسوخة ، لأن الاستثناء إنما هو تمام الكلام الأول (٤) ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر حين أقام عليه الحد : إنك إن تبت قبلت شهادتك ، والقول بأن هذه الآية محكمة هو الأظهر وعليه أكثر العلماء باختلاف منهم في الاستثناء إلى من يرجع ههنا وفي غير ذلك من تأويل هذه الآية.
٥٧ ـ وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) [النور : ٤].
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) [النور : ٦].
__________________
(١) انظر : الإيضاح : (٣١٤).
(٢) انظر : الإيضاح : (٣١٢).
(٣) انظر : الناسخ والمنسوخ للنحاس : (١٩٣).
(٤) انظر : الإيضاح : (٣١٧).