وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) الآية إلى قوله (بِفاحِشَةٍ) [النساء : ١٩] قال عطاء هي منسوخة بالحدود.
وقال أكثرهم هي محكمة ، واختلفوا في تأويل الفاحشة هنا ، فرأى بعضهم أنها الزنى ورأى بعضهم أنه النشوز (١).
الحزب التاسع : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) [النساء : ٢٣].
غريبه :
٢٣ ـ (وَحَلائِلُ) أي : أزواج واحدها حليلة ، قيل : هو مأخوذ من حل بالمكان حلولا ، لأنها تحل معه ويحل معها ، وقيل : هو مأخوذ من الحلال فهي بمعنى محله لأنه يحل لها وتحل له (٢).
__________________
(١) تفسير الفواحش على أربعة وجوه :
فوجه منها : الفواحش : يعني المعصية في الشرك ، فذلك قوله في الأعراف : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً)[الأعراف : ٢٨] ، يعني معصية مما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم في الشرك (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) ، يعني بالمعاصي ، يعني تحريم الحرث والأنعام.
والوجه الثاني : الفاحشة : يعني المعصية ، وهو الزنا ، فذلك قوله : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ)[النساء : ١٥] ، يعني المعصية ، وهو الزنا ، وقال في الأعراف : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ)[الأعراف : ٣٣] ، يعني حرم الزنا في السر والعلانية ، وقال في الأحزاب : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)[الأحزاب : ٣٠] ، يعني الزنا.
والوجه الثالث : الفاحشة : يعني إتيان الرجال في أدبارهم ، فإليك قول لوط في العنكبوت : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) [العنكبوت : ٢٨] ، يعني المعصية ، وهو إيتان الرجال في أدبارهم.
والوجه الرابع : الفاحشة : يعني العصيان ، وهو النشوز من المرأة ، فذلك قوله في النساء : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)[النساء : ١٩] ، يعني العصيان ، وهو النشوز من المرأة ، كقوله في النساء القصرى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)[الطلاق : ١] ، يعني العصيان ، وهو النشوز من المرأة على زوجها. وانظر : الوجوه والنظائر لمقاتل (ص ٣٦) بتحقيقنا.
(٢) انظر : معاني القرآن وإعرابه (٢ / ٣٥).