بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة لجنة إحياء التراث الإسلامى
نحمد الله الشاكرين ، ونصلى ونسلم على أشرف الخلق أجمعين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، أما بعد.
فإن هذا الكتاب الذى نقدمه لقراء العربية ، من كتب «المشترك اللفظى» فى القرآن الكريم. وظاهرة «المشترك اللفظى» من الظواهر اللغوية ، التى تشيع فى كثير من ألفاظ اللغة. ويكفى أن نذكر مثالا على ذلك كلمة : «قثّ» ، التى تعنى فى قولنا مثلا : «قصّ الخيّاط الثوب» شيئا يختلف عما تعنيه ، فى مثل : «قصّ فلان علينا قصّة» ، أو فى مثل : «قص البدوىّ الأثر» بمعنى : تتبعه.
وقد جاءت على هذا النمط مجموعة من الألفاظ فى القرآن الكريم ؛ فمن ذلك كلمة : «أمة» التى تعنى : الصنف والجماعة من الناس ؛ فى مثل قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ، فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) أى كانوا صنفا واحدا فى الضلال. كما تعنى : الحين ، أو المدة ، فى مثل قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) أى بعد حين. وتطلق «الأمة» فى القرآن الكريم كذلك على : الإمام والربانى ؛ كقوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ، وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أى إماما يقتدى به الناس.
ولم يفت علماء العربية ، منذ أقدم عصور التدوين فيها ، أن يؤلفوا فى هذه الظاهرة مؤلفات ، كانت تحمل فى معظمها عنوان : «الاشتباه والنظائر» أو «الوجوه والنظائر».
ومن بين الكتب المطبوعة فى هذا الموضوع : الأشباه والنظائر فى القرآن الكريم ، لمقاتل بن سليمان البلخى (المتوفى سنة ١٥٠ ه) ، والتصاريف : تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه ، ليحيى بن سلام (المتوفى سنة ٢٠٠ ه) ، وتحصيل نظائر القرآن ، للحكيم الترمذى (المتوفى بعد سنة ٣١٨ ه) ، والأشباه والنظائر فى الألفاظ القرآنية التى ترادفت مبانيها وتنوعت معانيها ، للثعالبى (المتوفى سنة ٤٢٩ ه) ، والوجوه والنظائر ، لأبى عبد الله الحسين بن محمد الدامغانى (المتوفى فى سنة ٤٧٨ ه) وقرة العيون النواظر فى الوجوه والنظائر فى القرآن الكريم ، لابن الجوزى (المتوفى سنة ٥٩٧ ه) ، وبصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز ، للفيروزآباديّ (المتوفى سنة ٨١٧ ه) ، وكشف السرائر فى معنى الوجوه والأشباه والنظائر ، لابن العماد (المتوفى سنة ٨٨٧ ه).