أنّ حركة الاكتساب مخلوقة لله تعالى ، وجب خلق حركة الاكتساب بمثل ما وجب به خلق حركة الاضطرار. (١)
وحاصله : إذا كانت الحركة الاضطرارية مخلوقة لله تعالى سبحانه لأجل حدوثها واحتياجها إلى الزمان والمكان ، فلذلك لملاك موجود في الحركة الاختيارية للإنسان فيجب أن تكونا مخلوقتين له تعالى.
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكر من القياس والمشابهة بين الحركتين لا ينتج إلاّ أنّ للحركة الاكتسابية أيضاً محدثاً وموجداً. وأمّا كون محدثه هو الله سبحانه فلا يثبته القياس ، لأنّ مشاركة الحركتين في الحدوث والحاجة إلى الزمان والمكان ، تقضي بأنّ الثانية مثل الأُولى في الحاجة إلى المحدث. وأمّا كون محدثهما شخصاً واحداً فهذا ممّا لا يعلم من القياس.
وأمّا نسبة الحركة الاضطرارية إلى الله سبحانه على وجه القطع واليقين ، فلأجل أنّها ليست مستندة إلى الإنسان ، وليست واقعة في إطار اختياره وإرادته ، فيحكم باستنادها إلى الله ، إذ الأمر دائر بين أن يكون الفاعل أحدهما. وأمّا الحركة الاكتسابية فلا وجه لنفي إستنادها إلى الإنسان ، وتأكيد انتسابها إلى الله.
نعم لو قال أحد بمقالة الأشعري من أنّ القدرة الحادثة في العبد غير مؤثرة في وجود الفعل ، لكان له أن يسند الحركتين معاً إلى الله سبحانه. ولكنّه أوّل الكلام ، والاستناد إلى ذلك الأصل أشبه بكون المدّعى نفس الدليل.
إنّ المتأخرين من الأشاعرة كالرازي في محصله ، و ( الإيجي ) في مواقفه ، والتفتازاني في شرح مقاصده ، والقوشجي في شرحه لتجريد الطوسي... حرّروا المسألة بصورة واضحة ، واعتمدوا في إقامة البرهان عليه على غير ما اعتمد عليه الشيخ الأشعري.
أوّلاً : بحثوا عن المسألة تحت عنوان « أنّ الله قادر على كلّ المقدورات »
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٧٤ ـ ٧٥.