حياة الإمام الأشعري
ومنهجه في العقائ
افترق المسلمون ( أهل البحث والجدل منهم ) في النصف الأوّل من القرن الثاني إلى فرقتين :
فرقة أهل الحديث : وهم الذين تعبّدوا بظواهر الآيات والروايات من دون غور في مفاهيمها ، أو دقة في أسنادها ، وكانوا يشكّلون الأكثرية الساحقة بين المسلمين ، وكثرت فيهم المشبّهة والمجسّمة ، والمثبتون لله سبحانه علوّاً وتنقّلاً وحركة وأعضاءً ، كاليد والرجل والوجه ، إلى غير ذلك من البدع التي ظهرت بين المسلمين عن طريق الأحبار والرهبان المتسترين بالإسلام.
وفرقة الاعتزال : وهم الذين كانوا يتمسكون بالعقل أكثر من النقل ، ويؤوّلون النقل إذا وجدوه مخالفاً لفكرتهم وعقليتهم ، وبقي التشاجر قائماً على قدم وساق بين الفرقتين طوال قرون.
فتارة يتغلّب أهل الحديث على أهل الاعتزال ويزوونهم ، وأُخرى ينغلّب جناح التفكر والاعتزال على أهل الظواهر والحديث ، وكانت غلبة كلّ فرقة على الأُخرى في كثير من الأحيان تنشأ من ميول الحكومات آنذاك لأحد الجناحين المتصارعين ، فنرى عصر الأمويين وأوائل عصر العباسيين ، عصر ازدهار منهج أهل الحديث والمتمسكين بظواهر النصوص ؛ كما نرى الأمر على العكس في زمن المأمون وأخيه المعتصم والواثق بالله إلى عصر المتوكل ، فكان الازدهار لمنهج الاعتزال حتى صار مذهباً رسمياً للحكومات السائدة ، واعتقل بعض