ثانيا : العبادات
العبادة هي طاعة الله تعالى والخضوع المطلق له ، وهي تشمل فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه. ولكنا نقتصر في هذا البحث على العبادات التي فرضها الله علينا ، وجعلها الرسول صلىاللهعليهوسلم من أركان الإسلام بقوله :
«بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع له سبيلا» (٣٥٢).
والعبادة مظهر للعقيدة : فالشهادتان تعبير باللسان عن الإيمان بالله ورسوله ، والصلاة تعبير عن الإيمان بأقوال وأفعال معينة ، والصوم تعبير عنه بالامتناع عن المفطرات ، يرمز إلى اجتناب المحرمات.
والزكاة عبادة مالية ، والحج عبادة بدنية ومالية. وكل هذه العبادات تدل على وجود الإيمان في قلب من يقوم بها بشرط أن تكون خالصة لوجه الله تعالى ، أما إذا لم تصحبها النية الخالصة لله ، فتكون مجرد أعمال ظاهرية لا تنفع صاحبها شيئا عند ربه ويكون مثلها مثل شجرة اجتثت من فوق الأرض لا تعطي شيئا من الثمار ، ولا يستقر لها قرار ، فسرعان ما تعصف بها الريح.
وبالمقابل فإن العبادة تؤدي إلى ترسيخ العقيدة وزيادة الإيمان ، إذ أن الإيمان يبقى فكرة ضعيفة باهتة حتى يدفع الى العبادة ، فإذا فعلت العبادات قوي الإيمان ، واستقر في القلب. ولذلك اقترن الإيمان بالعبادات في كثير من أي الذكر الحكيم.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ). (٣٥٣)
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ). (٣٥٤)
وللعبادة أعظم أثر تربوي ، إذ أنها تبعث على الاستقامة ، وتقوي الشعور بمراقبة الله تعالى ، حتى يصل العبد إلى درجة الإحسان التي أخبر عنها الرسول صلىاللهعليهوسلم بقوله :
«الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (٣٥٥).