واستطاع الناس تعليم بعض الكلاب والطيور الجارحة للاعتماد عليها في الصيد.
قال تعالى :
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ. وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ. وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٥١)
كما استطاعوا تعليم بعض الكلاب بالاعتماد على حاسة الشم القوية التي تمتاز بها أن تتعقب المتهمين بالقتل أو السرقة ، أو تتبع الأثر للبحث عن المسروقات ، واستطاعوا تعليم الحمام الزاجل واستخدامه في نقل الرسائل وبعض الأشياء الخفيفة.
وفي هذا العصر تمكن الإنسان من تربية الأسماك في الأحواض الكبيرة والبحيرات الصناعية ، وافتن في تربية الطيور التي تعطيه اللحم والبيض ، واعتنى بتربية أنواع عديدة لما لها من الفائدة أو لما يجده فيها من المتعة. وتحديد الغاية من تربية الحيوان واختيار النوع المناسب لذلك أمر أساسي. وقد يتوجب اختيار صنف معين لنوع من الحيوانات دون غيره. فالذي يريد تربية العجول لذبحها يختار صنفا ينمو بسرعة ويكبر إلى حد لا تصل إليه أصناف أخرى. كما إن الذي يريد تربية أبقار للبنها يختار صنفا يدر اللبن بكميات كبيرة. وكذلك الذي يربي الدجاج للحصول على البيض يختار صنفا يختلف عن الصنف الذي يربى للحصول على اللحم.
وبالإضافة إلى إعداد المكان المناسب للحيوان وتقديم ما يحتاج إليه من العلف والماء بطريقة فنية نظيفة ومريحة ، وبمقادير مدروسة ، أصبح الإنسان يعتمد على الآلات لحلب الأبقار. وجمع البيض وحفظ الألبان ومشتقاتها ، وصناعة اللحوم ومعلباتها.
ولما كانت الحيوانات تمتاز عن النباتات بالحس والحركة ، فمن الواجب على مربيها أن يحسن معاملتها لتستجيب له ولا تنفر منه. فالذي يعمد إلى فرس ليمسك بزمامها يعلم أنه إذا حمل بيده قبضة من العشب ، ومشى نحوها بهدوء ، وناداها برفق فإنها تقبل إليه ؛ ولكنها تهرب منه إذا جاء إليها راكضا ، ولم يكن في يده شيء تأكله. والذي يريد تدريب مهر على الركوب فإنه يبدأ بوضع شيء خفيف على ظهره ، ثم يزيد في ثقله ، وهو يسوسه ويطعمه ويمشي بجانبه ، حتى يمكنه من أن يعلو ظهره في الوقت المناسب.