الفصل الرابع
مبادئ التربية
يقصد بهذه المبادئ جملة من الأسس والمنطلقات يعتمد عليها في ميدان التربية ، وتسهم في تحسينها وزيادة مردودها. وأهمها :
١ ـ القابلية والإعداد للتربية
لو لا قابلية الإنسان للتربية لكان كل جهد يبذل في هذا المجال يضيع سدى ولا يحتاج هذا الأمر إلى بيان من الناحية الجسمية ، إذ أن نمو الأجسام وتأثرها بالتربية واضح معروف. أما النواحي العقلية والنفسية والروحية والخلقية فتتضح بملاحظة استجابة الإنسان لما يقدم إليه منها وتأثره بها ، ومقارنة من حصل على تربية رفيعة وتعليم عالي المستوى بمن حرم من ذلك ، فالأول تتفتح مداركه وتصقل مواهبه ، وينمو ذكاؤه ، ويعتدل مزاجه ، ويرتفع شأنه درجات عالية ، بينما لا يرقى الثاني إلى هذا المستوى الرفيع.
وقد خلق الله الإنسان غير عالم بشيء ، ولكنه زوده بالوسائل التي تمكنه من العلم والاستجابة للتربية ، وجعل فيه الاستعداد والقابلية لذلك. قال سبحانه :
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١)
وجعل لديه القابلية ليسلك طريق الخير أو طريق الشر : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ). (٢)
وهو إذا سلك طريق الحق والخير أصبح مؤمنا شاكرا ، وإذا سلك طريق الباطل والشر أصبح كافرا فاجرا.
(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ (٣) نَبْتَلِيهِ (٤) فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً). (٥)