إلزامية التعليم في أوربا :
هذا في بلاد الإسلام ، أما في الغرب فبقي معظم الناس محرومين من العلم قرونا طويلة ، وأول من نادى بإلزامية التعليم وشموله عندهم هو المصلح الديني" مارتن لوثر" الذي عاش في سنوات (١٤٨٣ ـ ١٥٤٦ م) حين أعلن أن المدارس يجب أن تفتح أبوابها للجميع : النبلاء والعامة ، الأغنياء والفقراء ، وتضم البنين والبنات. وطالب بأن يكون اليوم المدرسي ساعتين ليهيء لكبار التلاميذ وشبابهم الفرصة في أن يساهموا في تأدية الواجبات الاقتصادية في الحياة دون عائق. وقال : (يجب علينا أن نرسل الأولاد إلى المدرسة ساعة أو ساعتين في اليوم ، وندعهم يتعلمون بقية اليوم مهنة ما أو حرفة في المنزل ، ويجب أن يسير هذان الأمران جنبا إلى جنب). وكان رأيه في السلطات الحاكمة أنه محتم عليها أن ترغم رعاياها على إرسال الأطفال إلى المدارس (٧٤).
ولم يوجد نظام تعليم لعامة الشعب قبل سنة ١٥٢٩ ، ففي تلك السنة وضع" دوق وتمبرج" نظاما تعليميا خاصا ، لم تعترف به الدول إلا سنة ١٥٦٥ ، وذلك بإنشاء مدارس أولية قومية في جميع القرى ، يتعلم فيها الأطفال القراءة والكتابة والدين والموسيقى الدينية.
وأول مرة طبق فيها مبدأ التعليم الإجباري لجميع الطبقات كان في ولاية" ويمار" سنة ١٦١٩ ، فقد نص قانونها على أن جميع الأطفال من بنين وبنات يجب أن يبقوا بالمدارس من السادسة إلى الثانية عشرة.
وفي سنة ١٧٢٤ نص القانون على اشتراك البنات مع الأولاد في الدراسة. وفي سنة ١٧٧٢ أصبح التعليم الإلزامي نافذا من سن الخامسة إلى سن الرابعة عشرة.
وكذلك نادى" ملكاستر" (١٥٣١ ـ ١٦١١ م) وهو من أشهر المدرسين الإنجليز أن التعليم ليس مقصورا على الفتى ، بل هو حق للفتاة أيضا (٧٥).
وأكد كومنيوس في كتابه" المرشد الأكبر" الذي ألفه سنة ١٦٣٢ وجوب ارسال الأطفال من الجنسين إلى المدارس.
ويعتبر" روسو" أول من نادى بحقوق الرجل العادي السياسية والاجتماعية ، وبحقه في التربية منذ ولادته. غير أنه رأى أن تكون تربية المرأة مقننة وفق ما يقتضيه مصيرها كزوج ، وأن إرضاء الرجل ونيل محبته واحترامه وتربية الأولاد