٧ ـ خطوات الدرس
رأينا أن السمع والبصر والعقل وسائل أساسية في الحصول على المعرفة وإذا ما رشحت المعرفة إلى العقل عن طريق الحواس كلها فإنها تستقر فيه أكثر من أن ترشح إليه عن طريق حاسة واحدة وما يتلقاه المرء بسمعه وبصره معا فإنه يرسخ في عقله أكثر مما يتلقاه بالسمع أو البصر وحده.
ولقد وضع المربون والعلماء خطوات للدرس الذي يتعلمه الطالب وللمعرفة التي يحصل عليها. فإذا ما أراد استنتاج القانون الذي ينظم بعض الظواهر الطبيعة ، وليكن قانون تمدد الأشياء بالحرارة مثلا ، فإن ذلك يبدأ بملاحظة أشياء متنوعة في درجات حرارة مختلفة ، كملاحظة انحناء أسلاك الكهرباء بين عامودين ، وأن الانحناء يكون في الصيف أشد من الشتاء فإذا ما انتبه إلى هذه الملاحظة ، ووضع فرضية أن الحرارة هي السبب في التمدد ، فإنه يجب أن يتأكد منها بالتجربة. وعندئد يدخل المخبر ليخضع أجساما عديدة صلبة ومائعة وغازية للحرارة ، ويتأكد من تمددها ، ثم يتحكم في ظروف التجربة ، فيثبت العوامل المختلفة ، ويقيس ما يطرأ على عامل واحد متغير فيتوصل إلى حساب عامل التمدد في كل مادة وبذلك يتأكد من صحة فرضيته ، ويستنتج القانون العلمي.
وبعد ذلك يأتي التطبيق العملي لهذا القانون ؛ فالسكك الحديدية التي تسير عليها القطارات يجب أن تكون طليقة في إحدى نهاياتها ، وأن تترك فواصل بين أجزائها ، لتتمدد بدون أن تتقوس. والجسور الكبيرة يجب أن يراعى عند بنائها إمكان تمددها بدون أن تتصدع.
ويمكن حساب ما يناسب ذلك بكل دقة. وهكذا تكون الخطوات. الملاحظة والفرضية ثم التجربة والقياس ، واستنتاج القانون وهو المعرفة المراد الحصول عليها. ثم التطبيق العملي.
وقد تدل التجربة على خطأ فرضيته ، فيضع فرضية أخرى ، ثم يجري التجارب عليها. وقد تدل التجربة على تأثير عوامل مختلفة على الظاهرة التي يدرسها ، فيضطر إلى الكشف عنها ؛ ففي مثالنا السابق يؤثر الضغط في حجم الأجسام كما تؤثر الحرارة ، لكن زيادة الضغط تؤدي إلى تقلص الحجم ، بينما يؤدي ارتفاع الحرارة إلى تمدده.