مسلك تهذيبي ، وروحي يؤدي إليها أما كومينوس فكان يعتقد أن الغاية القصوى الدينية يحصل عليها الإنسان بسيطرته سيطرة خلقية على نفسه. ولضمان ذلك ينبعي أن يعرف الإنسان نفسه ، وأن يعرف كل الأشياء ؛ فالمعرفة والفضيلة والتقوى هي بهذا الترتيب الهدف من التربية (٦٢).
ثم انتشر المذهب التهذيبي الذي يرى أنصاره أن عملية التعليم لا الموضوع المتعلم هي أهم شيء في التربية. ويمثل هذا المذهب التربوي" جون لوك" بقوله : إن أعظم عمل للمربي هو أن يقوّم السلوك وأن يشكّل العقل ، وأن يغرس في تلميذه العادات الطيبة ومبادئ الفضيلة والحكمة ، وأن يكوّن في نفسه فكرة عن النوع الإنساني ، ويقوده إلى حب ما هو حميد وجدير بالثناء. وأن يعوده النشاط والحيوية والاجتهاد في أداء ما يعمل ، وأن يعوده تحمل المشاق.
وأن يدعه يتذوق قدرا يسيرا من طعم المادة التي يجب أن يتقنها بجهوده الخاصة. أما الدراسات التي يطلب منه القيام بها فهي تمرين لملكاته وحسن استغلال أوقاته حتى لا ينزع إلى التواني والكسل» (٦٣).
وأنصار النزعة النفسية في التربة يرون مع" بستالوتزي" (١٧٤٦ ـ ١٨٢٧ م) أن المربي لا يغرس قوى جديدة في الإنسان ، أو ينفخ فيه روح الحياة ، لأن مهمته الأساسية هي منع أي قوة خارجية أن تقف في طريق النمو الطبيعي للفرد. فقوى الفرد الأخلاقية والعقلية والعملية يجب أن تستمد حياتها من القوى الداخلية لا من مصادر صناعية.
والتربية في نظره عبارة عن النمو العضوي للفرد سواء أكان هذا النمو أخلاقيا أو عقليا أو جسميا. وهي نمو جميع قوى الإنسان وملكاته نموا طبيعيا تقدميا منسجما (٦٤)
أما هربارت (١٧٧٦ ـ ١٨٤١ م) وهو من أصحاب النزعة النفسية أيضا فقد جعل الغرض من التربية أخلاقيا بقوله : (فالعمل الوحيد والكلي للتربية يمكن أن يلخص في كلمة الأخلاق). وقوله (إن لفظ الفضيلة يعبر عن الغرض من التربية جميعه). والفضيلة في نظره هي : (الحرية الباطنية التي تطورت إلى حقيقة واقعة ثابتة في الفرد) (٦٥).
وكذلك" فروبل" (١٧٨٢ ـ ١٨٥٢ م) اعتبر هدف التربية هو النمو وعملية التربية هي عملية نمو. وليس هناك أهداف خارجية. كما أكد الناحية الخلقية في التربية ، وجعل مهمة التربية بناء الأخلاق لأنها توجه نشاط الطفل ، وتربطه بالحياة وتكشف عن طبيعته الباطنية عن طريق العمل (٦٦).