١ ـ التربية بالوعظ والإرشاد
إن الوعظ هو الأسلوب المباشر الصريح في التربية. ومن السهل الاعتماد على هذا الأسلوب ؛ فما على المربي إلا أن يتوجه بالمواعظ والنصائح إلى من يريد ، ويطلب منه الامتثال لها ، والانصياع لأوامره ونواهيه.
وخير مثال على ذلك من كتاب الله ما جاء في موعظة لقمان الحكيم لابنه ، وهو ينهاه عن الشرك بالله ، ويبين له علمه الشامل لكل شيء ، ويأمره بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويأمره بالصبر وينهاه عن الكبر. قال الله سبحانه وتعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). (٢)
(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ (٣) وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً (٤) إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ (٥) وَاغْضُضْ (٦) مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ). (٧)
ومن التأمل في هذه الموعظة الغالية نجد أنها تتعلق بالعقيدة والعبادة والأخلاق وهي واضحة لا غموض فيها ، ومقبولة للنفس السوية ، ولا يجد أحد مسوغا لردها.
ومن ذلك ما جاء في دعوة هود ـ عليهالسلام ـ لقومه ، إذ خاطبهم بقوله :
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). (٨)
وهكذا ذكرهم بفضل الله عليهم وأمرهم بطاعته وتقوى الله ، وخوفهم من العذاب ولكنهم أصروا على الكفر ، فكان مصيرهم الهلاك :
(قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ (٩) الْأَوَّلِينَ ، وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ، فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٠)