(وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ (٤٨) وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ (٤٩) وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً (٥٠) فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ (٥١) فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ (٥٢) يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ). (٥٣)
وهكذا لم يكتف يوسف بتعبير الرؤيا التي تقرر مستقبل البلاد طيلة خمس عشرة سنة ، وإنما أشار بالطريقة التي تؤدي إلى حفظ الغلال الفائضة عن الحاجة في سنوات الخصب ، وليجدوها في سنوات القحط ، فبقاء الحبوب في السنابل يقيها من الحشرات والرطوبة ، ويمنع تسوسها وتعفنها.
وهذا ما جعل الملك يدرك فضله وعلمه ، ويأمر باخراجه من السجن. ولكن يوسف أبى أن يخرج حتى تظهر براءته ، ويقطع مقالة السوء فيه. وبعد أن حقق الملك في قضيته ، ووثق بنقاء سريرته جعله من خواصه.
وكلمه يوسف ليعهد إليه بالإشراف على الخزينة العامة ، فهو خير من يتولى ذلك لأمانته وعلمه بحفظ الأموال والغلال ، وهو أعدل من يقوم بتوزيعها على مستحقيها.
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ. قالَ ما خَطْبُكُنَ (٥٤) إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ. قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ