«من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه» (١٥٥).
ولم تختلف طريقة تعليم الغسل عن ذلك :
قال أبو سلمة : (دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة ، فسألها أخوها عن غسل النبي صلىاللهعليهوسلم. فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت ، وأفاضت على رأسها ، وبيننا وبينها حجاب) (١٥٦).
وعائشة ـ رضي الله عنه ـ هي خالة أبي سلمة من الرضاع ، أرضعته أختها أم كلثوم ، وقد اغتسلت أمامهما بعد أن سترت أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه وظاهر الحديث أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم.
والحديث يدل بشكل واضح على أن التربية العملية هي الطريقة المفضلة في التربية كلما كانت ميسورة. وقد قال الإمام ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : «وفي فعل عائشة دلالة على استحباب التعليم بالفعل ، لأنه أوقع في النفس. ولما كان السؤال محتملا للكيفية والكمية ثبت لهما ما يدل على الأمرين معا : أما الكيفية فبالاقتصار على إفاضة الماء ، وأما الكمية فبالاكتفاء بالصاع (١٥٧).
وكذلك علم الرسول صلىاللهعليهوسلم أصحابه الصلاة بأن صلى أمامهم وقال لهم :
«صلوا كما رأيتموني أصلي» (١٥٨).
وكان أصحابه يعلمون التابعين الصلاة بهذه الطريقة :
حدثنا أيوب عن أبي قلابة قال : جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا فقال إني لأصلي بكم ، وما أريد الصلاة ، أصلي كيف رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم يصلي. فقلت لأبي قلابة : كيف كان يصلي؟ قال : مثل شيخنا هذا (١٥٩). والشيخ هو عمرو بن سلمة.
وحج الرسول صلىاللهعليهوسلم مع أصحابه ، وهم يقومون بما يقوم به من الأعمال. وقال لهم بعد أن علمهم الحج بالطريقة العملية ، حين رمي الجمرة :
«خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه. (١٦٠) وهكذا نجد الاعتماد على العمل في التربية بشكل واضح ملموس في هذا المنهج. وقد احترم الإسلام العلم وكرم العمال ، بينما كان" أرسطو" ينظر إلى كل ما ينزع إلى فائدة عملية ومادية نظرة ازدراء ، ويرى فيه عبودية لا تليق بالإنسان ، ولم يعرض سوى الدراسات الفكرية التي تهدف إلى السمو بالروح وتزويدها بالأفكار الرفيعة (١٦١).