٧ ـ طريقة التربية باللعب
يميل المرء إلى اللعب واللهو طيلة حياته ، ويقضي معظم وقته في اللعب حين يكون صغيرا غير مميز ، ثم يقل انصرافه إليه مع تقدمه في السن. فإذا ما جعلنا اللعب بطريقة منظمة ذات أثر في تقوية الجسم وتنشيط العقل وتكوين الخلق أمكننا تحقيق أهداف التربية مع الشعور بالمتعة ، وذلك كما في الألعاب والتمارين الرياضية التي تؤدي إلى صحة الجسم ومرونة أعضائه وقوة عضلاته. وكما يحدث حين توضع عدة قطع أمام الطفل ، وتكون قابلة للتركيب على وجوه عديدة ، فيصنع منها بناء أو دراجة أو سيارة أو غير ذلك ، ثم يفك أجزاءها ليركبها بشكل آخر ؛ فينشط ذهنه ، وينمو عقله ، وتصبح لديه قدرة على الإبداع والاختراع.
ويمكن أن يؤدي اللعب المشترك بين عدد من الأفراد إلى تعليم النظام والتعاون ومحبة بعضهم بعضا ، ويجعل اللعب الأطفال يوجهون كل اهتمامهم نحو موضوع اللعبة ولا يملون منه ، ولا يفكرون بغيره. وذلك يؤدي إلى زيادة الانتباه ودقة الفهم وسرعة التعلم.
غير أن الإفراط في اللعب قد يؤدي إلى ضياع الوقت ، ويصرف عن الجد والعمل المثمر ، لذا يجب أن يسمح باللعب في أوقات محددة عقب الساعات المخصصة للدرس والعمل ، وأن تتناسب الألعاب مع عمر الطفل وقدراته حتى تكون ذات أثر تربوي.
وقد أذن الرسول صلىاللهعليهوسلم للأحباش أن يلعبوا بالحراب في المسجد في يوم عيد لما في ذلك من الفائدة في تعلم الرمي بها ، واتقاء ضرباتها ، ولما فيه من المتعة والبهجة ؛ حتى إنه جعل عائشة ـ رضي الله عنها ـ تنظر إليهم ، فعنها قالت : «رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم يسترني بردائه ، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ، حتى أكون أنا التي أسأم ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو» (١٧٨).
وقد أدرك مربونا الكبار حاجة الأولاد إلى اللعب منذ العصر الأول في تاريخ هذه الأمة. حكى معتب بن أبي الأزهر ، وهو من علماء القيروان في القرن الثاني الهجري ، قال : قال لي : أبو القاسم عبد الله بن محمد في معرض حديث :
(وما حال صبيانكم في الكتاب؟