٨ ـ التربية بالترغيب والترهيب
يعتبر الترغيب والترهيب حافزا يدفع الإنسان إلى التعلم الصحيح وتجنب الأخطاء وفعل الحسن وترك القبيح. ولا ينكر وجود عاطفتي الحب والكره ، والميل إلى الشيء أو النفور منه في نفس كل إنسان.
فإذا حققت التربية رغبات النفس البشرية ، وأصبح ما يتعلمه المرء وسيلة للحصول على ما يرغب فيه ، أو النجاة مما يخاف منه ، فإنه يتأثر بها إلى أبعد الحدود.
وتتنوع رغبات الناس بين الأشياء المادية والمعنوية ، وكلها ترجع إلى ما يحفظ عليهم صحتهم ، ويشبع غرائزهم ، ويلبي دوافعهم ويجعلهم في مكانة مرموقة ، ويشعرهم بالسعادة والعظمة ، كما أنهم يخافون من الموت ومن فقدان ما يحتاجون إليه ومن أي ضرر يصيبهم أو يصيب أحبابهم.
وقد أبعد الإسلام عن الناس الخوف من الموت حين أعلمهم أن الموت باب يدخلون منه إلى الدار الآخرة ، وهو يأتي في أجله المحدد ، ولا يستطيع أحد أن يمد في عمر إنسان أو ينقص منه ساعة واحدة ، وأبعد عنهم المخاوف المجهولة حين أعلمهم أن الضرر والنفع بيد الله وحده ، ولا يستطيع أحد أن ينفع غيره أو أن يضره فيما لم يأذن به الله قال سبحانه : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ). (١٨٣)
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (١٨٤)
وأبعد عنهم الخوف من الفقر حين قرر أن الله قد تكفل بأرزاق عباده ، وأن كل مخلوق يحصل على ما قسم له. قال تعالى :
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ). (١٨٥)
ولكنه حذرهم من غضب الله ونقمته إن هم عصوه وكفروا به. قال تعالى :
(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا (١٨٦) بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ. أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ. أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ). (١٨٧)