وتضع العوائق في طريقه : مما يؤدي إلى انهيار الأسرة ، والتحلل من الأخلاق ، وانتشار البؤس والشقاء.
وبعد ذلك يصبح الرجل أبا ومربيا لأولاده ، وقد يعهد إليه بتربية أولاد غيره في المؤسسات التربوية ، وبهذا يرد إلى المجتمع ما عليه من ديون ؛ فقد أتاح له مجتمعه العيش الكريم والتربية القويمة ، ووفر له الكثير من الخدمات ، وأنفق عليه المبالغ الضخمة حتى بلغ أشده واستوى. وحين يكون أسرة ، ويسهم في تربية أولاده وغيرهم ويعمل في بعض المجالات النافعة ، فإنه يقضي دينه ، ويرد الحقوق إلى أصحابها ؛ فيعلو صرح المجتمع ، وتتصل حلقات التربية ، ويصبح أبناؤه علماء مؤمنين. قال الله تعالى :
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). (٣٣)
مرحلة الكبر والشيخوخة :
الشيخوخة هي المرحلة الأخيرة في حياة الإنسان. قال الله تعالى :
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ (٣٤) ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). (٣٥)
وفي هذه المرحلة يعود الإنسان ضعيفا كما كان في مرحلة الصغر :
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ). (٣٦)
وحينئذ يضعف عقله كما يضعف جسمه ، وتضعف ذاكرته ، وينسى الكثير مما تعلمه : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ (٣٧) لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً). (٣٨)
وخير مكان يقضي فيه الشيخ أيامه الأخيرة هو بيته الذي قضى فيه شبابه ، بين أبنائه وأحفاده ، ووسط جيرانه وأصحابه ، حيث يبادلونه الحب ، ويشعرونه بالاحترام ويستفيدون من تجاربه في الحياة ، ويقتبسون منه الحكمة ، ويتلقون منه العلم والخلق