٢ ـ المدارس
نشأت الحاجة إلى المدارس مع رقي المجتمع وازدهاره وتعقد سبل الحياة وعجز الوالدين عن تعليم أولادهم ما يحتاجون إليه ، وزادت أهميتها مع تعلم الإنسان القراءة والكتابة. وازدادت المدارس زيادة ملموسة مع انتشار الإسلام الذي فرض على أبنائه طلب العلم.
وكانت تسمى في العصور السابقة بالكتاتيب.
ومما يدل على عناية المسلمين بالمدارس وإقبال الناس عليها في ظل الإسلام قول العلامة" حسن حسني عبد الوهاب" عن ظهور الكتاتيب في افريقية : «لا مراء أن الغزاة العرب من الصحابة وتابعيهم لما فتحوا افريقية أواسط القرن الأول للهجرة ، كان الكثير منهم في عيالهم وذراريهم ، فعند ما أناخوا بعسكرهم وخطوا" قيروانهم" أول ما أنشؤوا الدور والمساجد ، ثم التفتوا إلى تعليم صبيانهم ، فاتخذوا لهم محلا" كتابا" بسيط البناء يجتمعون فيه لقراءة كلام الله العزيز ، لما كان لأولئك الأفاضل من العناية الكبرى بأمر دينهم القويم ، وهم القائمون بنشر دعوته ، المكلفون بركز دعامته سواء بين الأقارب أو الأباعد من أبناء الشعوب المغلوبة على أمرها أو المؤلفة قلوبها .. ولم يزل شأن الكتاتيب في نمو ، وعددها في ازدياد وتكاثر في العاصمة وفي المدائن الإفريقية الكبيرة" كتونس وصفاقس وسوسة" حتى لم يخل منها درب من الدروب أو حي من الأحياء. وربما تعددت الكتاتيب في الحارة الواحدة مثلما تعددت المساجد في الحارات» (٧)
ولم يكن الكتاب غير غرفة يجلس فيها التلاميذ على الحصر والجلود. ويجلس أمامهم شيخ جليل يعلمهم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة ، وقد يعلمهم الحساب والشعر والنحو والخطابة. قال" سحنون" :
" ويلزمه أن يعلمهم الوضوء والصلاة ، لأن ذلك دينهم"(٨)
وكان أهل المشرق يبدؤون بتعليم الطفل الخط والحساب والعربية ، فإذا حذق كله أو حذق منه ما قدر له خرج إلى المقرئ ، فلقنه كتاب الله فحفظ منه كل يوم ربع حزب أو نصفه أو حزبا ، حتى إذا حفظ القرآن خرج إلى ما شاء الله من تعليم أو تركه وكان عنايتهم بدراسة القرآن وصحف العلم وقوانينه في زمن الشبيبة (٩).
أما أهل الأندلس فكانوا إذا عقل الصبي علموه كتاب الله ، فإذا حذقه نقلوه إلى الادب ، فإذا نهض منه حفظوه الموطأ ، فإذا لقنه نقلوه إلى المدونة (١٠).
ذكر ابن خلدون أن مذهب أهل الأندلس تعليم القرآن والكتاب من حيث هو ،