ولا يقتصرون عليه ، بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشعر والترسل ، وأخذهم بقوانين العربية وحفظها ، وتجويد الخط والكتاب.
وكذلك كان أهل افريقية يخلطون في تعليمهم للولدان القرآن بالحديث في الغالب ومدارسة قوانين العلوم ، وتلقين بعض مسائلها إلا أن عنايتهم بالقرآن واستظهار الولدان إياه ، ووقوفهم على اختلاف رواياته وقراءاته أكثر مما سواه ، وعنايتهم بالخط تبع لذلك.
وأما أهل المغرب فكان مذهبهم في الولدان الاقتصار على تعليم القرآن فقط ، وأخذهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله واختلاف حملة القرآن فيه ، لا يخلطون ذلك بسواه في شيء من مجالس تعليمهم ، لا من حديث ولا من فقه ولا من شعر ولا من كلام العرب ، إلا أن يحذق فيه أو ينقطع دونه (١١).
وكان عدد التلاميذ قليلا ، وفيهم الكبير والصغير الذي لم يتجاوز الخامسة أو السادسة من العمر. وكان الشيخ يتقاضى أجرا منهم ، وكان متعففا يقنع بالقليل الذي يكفي لسد رمقه ، ويبتغي بعمله وجه الله تعالى. وكانت مدة الدراسة قصيرة لا تزيد على سنة أو سنتين إن لم تنقص عن ذلك ، وكانت تغلق أبواب الكتاب يوم الجمعة وأيام الأعياد الشرعية : يوما أو ثلاثة في عيد الفطر ، وثلاثة أيام أو خمسة في عيد الأضحى (١٢).
وكان التلميذ يترك الكتاب غالبا حين يختم القرآن الكريم ، ثم يعمل في الزراعة أو التجارة ، أو يمتهن إحدى المهن ، ويتابع تعليمه بين يدي العلماء الكبار إن كان من النابهين ، دون أن يمنعه طلب العلم من كسب العيش.
وتطورت المدارس ، فاتسعت وزاد عدد طلابها ، وزادت مدة الدراسة فيها مع اتساع المعرفة التي حصلت عليها البشرية خلال العصور المتتابعة ، حتى أصبحت مدة الدراسة تزيد على العشرين سنة ؛ وأصبحت منقسمة إلى درجات وأنواع مختلفة ، وأصبحت الواحدة منها تضم ما يزيد عن الألف من الطلبة.
وأصبح الآباء ملزمين بإرسال أبنائهم إلى المدارس الابتدائية في سن السادسة أو السابعة ، ليقضوا فيها نحوست سنوات.
وهناك رياض الأطفال أو دور الحضانة قبل المرحلة الابتدائية. ثم يتابع التلاميذ الذين تخرجوا من المدرسة الابتدائية الدراسة في المرحلة الإعدادية والثانوية ، ليقضوا نحو ثلاث سنوات في كل منهما. وأصبحت المدارس الثانوية متعددة الاختصاصات ،