٤ ـ المكتبات
لا تزال الكتب أفضل وسيلة للحصول على العلم والمعرفة ، ولا يستغني عنها طالب أو معلم أو مثقف. فالكتاب يطلعك على المادة العلمية بشكل مفصل مرتب مدعم بالأدلة. وبإمكانك أن تنهل من معينه كلما وجدت في نفسك رغبة في العلم ، وأن ترد حياضه كلما شعرت بظمأ إلى المعرفة ، دونما حاجة إلى إذن لدخول حماه ، ودون أن يكلفك بشيء من آداب الزيارة وحقوق الأصحاب. وهو لا يمتنع عن المثول بين يديك كلما أردت ذلك في ليل أو نهار ، ولا يبخل عليك بمنحك ما يحتويه من ذخائر وجواهر. ومهما قلبت أوراقه ونظرت في سطوره ازدت أدبا وفضلا ، ووجدت الأنس والمتعة والتسلية والبهجة.
وليس أدل على قيمة الكتاب في هذا الدين من أن أول ما نزل من القرآن الكريم يأمر بالقراءة ، ويبين فضل الله على الإنسان في تعليمه.
قال سبحانه وتعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (٢٦)
ثم أقسم الله بالكتاب تنويها لرفعته وبيانا لأهميته فقال سبحانه :
(وَالطُّورِ (٢٧) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ. فِي رَقٍ (٢٨) مَنْشُورٍ). (٢٩)
ولقد حذر الله من الإعراض عن الكتب القيمة ، وأمر بتدبرها وامتثال أحكامها وشبه المعرض عنها الذي لا ينتفع بها بالحمار الذي ينوء بحمل كتب كثيرة ، ولا يعقل منها شيئا. قال تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (٣٠) بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٣١)
وقد أنشد أبو عبد الله بن الأعرابي في فضل الكتب :
لنا جلساء ما نمل حديتهم |
|
ألباء مأمونون غيبا ومشهدا |
يفيدوننا في علمنا علم ما مضى |
|
وعقلا وتأديبا ورأيا مسددا |
بلا فتنة تخشى ولا سوء عشرة |
|
ولا نتقي منهم لسانا ولا يدا. |
وقال محمد بن بشير في شعر له :