لله من جلساء لا جليسهم |
|
ولا خليطهم للسوء مرتقب |
ولا بادرات الأذى يخشى رفيقهم |
|
ولا يلاقيه منهم منطق ذرب (٣٢) |
أبقوا لنا حكما تبقى منافعها |
|
أخرى الليالي على الأيام وانشعبوا |
إن شئت من محكم الآثار يرفعها |
|
إلى النبي ثقاة خيرة نجب |
أو شئت من عرب علما بأولهم |
|
في الجاهلية تنبيني بها العرب |
أو شئت من سير الملوك من عجم |
|
تنبي وتخبر كيف الرأي والأدب |
حتى كأني قد شاهدت عصرهم |
|
وقد مضت دونهم من دهرنا حقب |
ما مات قوم إذا أبقوا لنا أدبا |
|
وعلم دين ولا بانوا ولا ذهبوا (٣٣) |
ولقد كانت تنشأ مكتبات ضخمة بجانب المدارس والمعاهد العلمية ، يجد فيها روادها طرفا من كل علم وجانبا من كل فن ، ولم يكن هناك مانع من استعارة كتبها والنظر في مؤلفاتها ، أو الجلوس فيها ساعات طويلة للمطالعة في النسخ والتأليف ، وكانت الثقة والأمانة تغني عما استحدث من الوسائل المعقدة لاستعارة الكتب في العصر الحديث.
ولقد عني الخلفاء المسلمون منذ الأمويين بالكتاب ونشره بين الناس ، وإنشاء الخزائن التي تضم الكتب والدفاتر والسجلات. وكانوا يزودون المساجد الجامعة من كل إقليم بالخزائن التي تضم المصاحف وكتب العلم. وكان كثير من العلماء يقفون كتبهم وأوراقهم ومخطوطاتهم على خزائن المساجد ودور العلم ، يتقربون بذلك إلى الله ، ويرجون نشر العلم ومعونة أصحابه. ولعل أقدم الخزائن العربية التي عرفت بعض أخبارها هي خزانة الخليفة الأموي خالد بن يزيد بن معاوية ، وقد ظلت محفوظة في البلاط الأموي حتى فتحها عمر بن عبد العزيز للناس للإفادة منها والتعلم من نفائسها وروي أن الوليد بن عبد الملك جمع خزانة ، وجعل عليها خازنا اسمه سعد ، وأن يزيد ابن عبد الملك كان محبا للعلم ومنقبا عن كتبه ودواوين الشعر ، وأنه جمع خزانة كتب كبيرة في قصره ، رغم أن خلافته لم تزد على سنة وثلاثة أشهر.
أما العباسيون فقد اهتموا بالعلم وكتبه اهتماما كبيرا ، وانتشرت في عهدهم المكتبات العديدة. وعرف في العالم الإسلامي ثلاثة أنواع من المكتبات : عامة وخاصة بأصحابها ، ومفتوحة لطائفة معينة :
أما المكتبات العامة! فقد أنشئت بالمساجد لتكون في متناول الدارسين. وكانت