الفصل الثامن
خصائص المنهج
نحاول في هذه الفصل الأخير أن نلقي ضوءا على منهج التربية في القرآن والسنة ، لنستخلص أبرز الخصائص التي يختص بها هذا المنهج الفريد في نوعه ، وأعظم المزايا التي تميزه عن غيره :
١ ـ فهو منهج رباني مستمد من كتاب عزيز (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). (١)
ومستمد من سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي قال الله فيه :
(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). (٢)
وكل من عمل بهذا المنهج كان علي هدى وبصيرة :
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). (٣)
ولقد تخبط الناس طويلا في مناهج من صنع الإنسان ، تميل بهم ذات اليمن وذات الشمال. وكانوا لا يخرجون من متاهة حتى يضلوا في سواها ، تعصف بهم الأعاصير ، وتلقي بهم في ظلمات مدلهمة ، وهم حائرون ، لا يعلمون لماذا وجدوا فوق هذه الأرض ، وما مصيرهم بعد أن يعودوا فيها ، ولا يهتدون إلى ما ينظم علاقة بعضهم ببعض ، ولا إلى ما يحدد صلتهم بهذا الكون الذي يعيشون فيه وبالقوة العظمى التي أوجدته.
وما إن اهتدوا إلى هذا الدين حتى أيقنوا أن الله خلقهم وكلفهم بعبادته ، وأن عبادته ـ سبحانه ـ تجعلهم سعداء في هذه الحياة ، وأنهم سيبعثون بعد موتهم ليجازوا على أعمالهم. وعلموا أن الكون مسخر لهم ، وأن التفكير في آفاقه يهديهم إلى نظامه ويمكنهم من الاستفادة منه على أكمل وجه.
وهذا المنهج الرباني مبرأ من العيب والنقص ومن التحيز والهوى ، تلك العيوب