٣ ـ التربية الإجتماعية
يقضي الإنسان حياته كلها في وسط اجتماعي ، ولا يمكنه أن يستغني عن الخدمات المادية والمعنوية التي يقدمها له الآخرون. ولا بد من احترام الناس ومعاملتهم بالحسنى ليتم التعاون فيما بينهم ، ولا يستطيع الفرد أن يتكيف مع المجتمع ويحصل على التقدير والإحترام فيه ما لم يتقبل آراء مجتمعه ومفاهيمه ونظرته إلى الحياة. ولا يبقى المجتمع محافظا على شخصيته وخصائصه وثقافته ما لم يطبع أفراده عليها.
وقد حرص الإسلام على تماسك المجتمع بكل مؤسساته الصغيرة والكبيرة وعني بتربية الأفراد تربية اجتماعية فاضلة.
وأول مؤسسة اجتماعية ينتمي الفرد إليها هي الأسرة. وقد شرع الإسلام الأحكام التي تجعلها متماسكة ، وتحقق الالفة والمودة بين أعضائها ، وتمكنها من القيام بدورها الاجتماعي على أكمل وجه ، فمع أن الله سبحانه وتعالى غرس في قلوب الزوجين ميل كل منهما نحو الآخر :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٥٨)
أمر الرجل الإحسان إلى امرأته وإكرامها حتى في حال كرهها :
(وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً). (٥٩)
وأمر المرأة بطاعة زوجها وحفظ ماله وعرضه :
(فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ). (٦٠)
كما إن الله ـ عزوجل ـ جعل في قلوب الوالدين العطف والحنان على أولادهما وأوصاهما بحسن تربيتهم. وأمر الأولاد في كثير من آيات الذكر الحكيم بالإحسان إلى والديهم ، وقرن الإحسان إليهم بعبادته ، وشكرهما بشكره. من ذلك قوله سبحانه
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ (٦١) وَفِصالُهُ (٦٢) فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (٦٣)
وهذا الإحسان واجب في كل الحالات حتى الحالة التي يكون فيها الولد مؤمنا والوالد مشركا ، غير أنه لا يطيعه فما يخالف أحكام الشرع :
(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما