٥ ـ التربية الانفعالية
يطلق الانفعال على المشاعر القوية لدى الإنسان كاللذة والألم والفرح والحزن والقلق والغيرة. ويميز الباحثون بين أنواع ومستويات من الانفعال فهناك الهيجان والعاطفة والهوى ، ولكل منها طابعه وخصائصه وتأثيره في تفكير الإنسان وتصرفاته. وقد تنحرف هذه الانفعالات عن النضج والاستواء فتحتاح إلى التربية الملائمة.
والهيجان اضطراب نفسي جسدي ، يحدث إثر مواجهة المرء لمثير عنيف ولا يدوم طويلا. ومثاله الخوف والغضب والفرح ؛ حيث يضطرب الشعور والتفكير ، وتضعف المحاكمة ، ويتغير لون الوجه وقسماته ، ويرتفع ضغط الدم أو ينخفض ، وتتغير سرعة التنفس عن حالتها العادية ، وقد يبطؤ الهضم ، ويزداد الإفراز البولي ... ويرافق هذه التغيرات سلوك إقدامي أو إحجامي يقوم به المنفعل ، فيهجم ويقاتل في الغضب ويهرب في الخوف ويضحك في الفرح.
ويتغير الهيجان في مثيراته ومشاعره وتعابيره حسب مراحل العمر ، ويصل إلى مستوى مناسب من النضج بعد البلوغ ، وحينئذ يتميز بالاعتدال ، فلا يكون المرء ضعيف التأثر متبلدا ، ولا سريع التأثر ، يثور لأتفه الأسباب كما يتميز بالواقعية في مجابهة مشاكل الحياة ، فيصبح الفرد موضوعيا في إدراكه للعالم المحيط به ، متحررا من الذاتية العاطفية والعقلية ، ومن الاتكالية على الآخرين. ويتميز أيضا بالتوازن بين جميع الانفعالات والدوافع ، فلا يوجد بينها ما هو مسيطر متحكم في الجميع ، ولا يضعف بعضها لدرجة الكبت الشديد. ويصبح الشخص قادرا على ضبط النفس واحتمال الصعوبات والحرمان ، وعلى تأجيل اللذات العاجلة من أجل تحقيق أهداف أبعد. ويتسم بالرصانة وعدم التقلب بين المرح والانقباض ، والفرح والحزن ، أو الضحك والبكاء والتحمس والفتور.
والنضج الانفعالي عامل أساسي للتكيف الاجتماعي السوي والصحة النفسية السليمة. فاضطراب الصلاة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية ناشئ عن اضطراب الانفعالات الإنسانية. كما إن النجاح أو الإخفاق في الحياة يتوقف إلى حد كبير على عوامل انفعالية. ويتعلق النضج الانفعالي بعدة عوامل وراثية واجتماعية وتربوية. والتربية السليمة تكون في تعليم الطفل حل مشاكله ومعالجة أموره دون أن يطلق العنان لانفعالاته ، ودون إسراف في كبح جماحه أو تدليله. وتحرص التربية على